لا تُعارِض من أجل المعارضة، وإنما من أجل إعلاء ورفعة هذا الوطن. ومن هذا المنطلق أقدم خالص الشكر والعرفان إلى سمو أمير البلاد؛ على لفتته الكريمة بإرجاع الجناسي، والشكر موصول للنواب الأفاضل الذين حملوا هذا الملف وتحملوا الكثير من أجله، حتى أنهم اتُّهموا بتحصين رئيس الوزراء من المساءلة، فأصبحوا في وضع مكشوف لسهام من يتصيد في الماء العكر، لذلك لهم منا الشكر الجزيل؛ فكل منصف من أبناء الشعب الكويتي فرح بعودة الجناسي؛ والفرحة لا تكتمل فقط برد هذا الحق الأصيل إلى أهله، بل بشعورنا كذلك بالوعي الكبير لصاحب القرار، أطال الله في عمره، لخطورة المرحلة التي تعيشها البلاد داخلياً وخارجياً.

فدور الدولة يتمحور حول تنفيذ القانون وإعلاء سيادته، لا بامتلاك البعض صك الغفران والمواطنة، فيحكم بالرحمة والبقاء على أرض الوطن لمن يشاء، ويطرد ويخون من يشاء، وما علمت طريقاً لدمار الأوطان أقصر من هذا الطريق، أفتنتظر خيراً أو ولاءً أو عطاءً من مواطنين يشعرون بأن و طنيتهم وانتماءهم لبلدهم مشروطان ومرهونان بجرة قلم من مسؤول أو بهوى آخر؟!

Ad

ولا يخفى على أحد أن الوحدة الوطنية ولحمة الصف من جانب، والنهضة من جانب آخر، وجهان لعملة واحدة، والعلاقة بينهما علاقة وجود وعدم، فلا تقدم ولا نهضة ولا رفعة ولا سيادة دولة، إن غابت الوحدة الوطنية، وفي التاريخ لنا العبرة فكيف كانت أميركا السود والبيض وجنوب إفريقيا العنصرية وماليزيا الحروب الأهلية؟ وكيف أصبحت هذه الدول الآن بعد أن ساد العدل والمساواة فيها؟ فالراغب في مستقبل أفضل دون النظر إلى أهمية اللحمة الوطنية كالظمآن الذي يبحث عن الماء في لهيب النار.

وبشكل عام يكون الحاكم قوياً فاعلاً قادراً على رفض المساومات والتنازلات عن مصالح بلاده؛ عندما يكون خلفه شعب متماسك، بنيانه مرصوص، ولاؤه لوطنه وحاكمه يعلو على كل الشبهات أو الشكوك، أما إن كان خلف الحاكم شعب، منه المواطن السيد، ومنه المواطن بشرط، ومواطن مصنف وآخر مهدد، فهذا حاكم ظهره مكشوف، ولا يملك خارج حدود الوطن إلا المساومة على مصالح البلاد والعباد أمام المتربصين بالوطن، لذا أكرر: شكراً سمو الأمير، شكراً للوعي، شكراً للحفاظ على اللُحمة الوطنية.

ختاماً:

بالطبع مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، والمحب لوطنه الذي يرنو إلى رفعته لا يرد جوعه وظمأه إلا الخطى المتوالية على الطريق الصحيح، فعودة الجناسي خطوة تلزمها خطوات أخرى، وخصوصا ما لا نكل من المطالبة به دائما، وهو العفو الخاص عن سجناء الرأي، لاسيما قضية دخول المجلس، وأزعم أن الوقت والحال سانحان لهذه الخطوة التي تكتمل بها الصورة، فما لها إلا أبوناصر، أطال الله في عمره.