لقد شهدت دول عربية وإفريقية هجرة غير قانونية لعدد كبير من البشر في العقود الأخيرة لأسباب سياسية واقتصادية، وكانت لا تزال ظاهرة راح ضحيتها عدد كبير من البشر عبر البحر المتوسط وغيره.

لقد ترك أولئك بلدانهم واستجابوا لسماسرة هذه التجارة الذين كسبوا منها مادياً ولم يتحملوا مسؤولية من فقدوا أرواحهم في عرض البحر.

Ad

ومعظم أولئك المهاجرين اللاجئين من الأطفال والنساء، وبعض دول المهاجرين الأصلية غنية بمواردها، بيد أن التخلف والفساد جعلا المهاجرين يطمحون إلى حياة أفضل في دول أوروبية وغيرها.

لقد غامروا بحياتهم، ويعانون من مسألة التكيف مع البلدان التي هاجروا إليها، خصوصا بالنسبة إلى الأطفال، وغير المؤهلين علمياً وفنياً.

ذهبوا يبحثون عن حياة أفضل، وهم لا يملكون مقومات العيش، وصدقوا ما روجه سماسرة هذه التجارة مقابل حفنة دولارات دبرها أولئك الفقراء رغماً عنهم، ولم يعبأ المتاجرون بالبشر بمصير اللاجئين ولا يتحملون مسؤولية الغرق ولا الكوارث التي حلت بهم.

إن استقبال الدول الأوروبية لهؤلاء اللاجئين لأسباب مختلفة يعدّ تشجيعاً لهم ولغيرهم على دوام هذه التجارة واستمرارها، والسؤال: لماذا لا تعمل تلك الدول على المساهمة في تنمية الدول المصدرة للاجئين، وبعضها غني بموارد الزراعة والمعادن؟!

وتروج الدول المستقبلة لهم بأنها تفعل ذلك لأسباب إنسانية، وفي حقيقة الأمر هي أسباب سياسية، لأن حكومات الدول المصدرة للمهاجرين اللاجئين لا تعير هذه المسألة اهتماما بسبب التخلف والفساد، والحروب الأهلية، وعدم الاستقرار، وبعض رموزها تتضخم أرصدتهم، والشعوب تعاني الفقر وما دون خط الفقر.

إن الهجرة ظاهرة عالمية على الدوام، ولكن هذا النوع من الهجرة يعتبر هجرة قسرية تفضح الفارق بين تخلف الدول المصدرة للمهاجرين وتقدم الدول المستقبلة لهم، فهي هجرة، ولجوء، وتجارة جديدة للرقيق بمواصفات مختلفة عن تجارة الرقيق التقليدية التي شهدها العالم في السابق، فمتى تقف وتنتهي هذه التجارة؟ لن يحدث ذلك ما لم تخرج الدول المصدرة لها من تخلفها، وتتطور، ولن يحدث ذلك في المستقبل المنظور، وإن قضية كهذه تضاف إلى تراكمات الحاضر، وتدخل التاريخ المعاصر، ونجد من واجبنا أن نقول فيها رأياً.