فاز جايير بولسونارو، مرشح اليمين وشخصية بارزة في الحزب الاشتراكي الليبرالي، بنسبة 46% من الأصوات، مقترباً على نحو مفاجئ من الفوز بالرئاسة البرازيلية في نتائج الجولة الأولى المذهلة، أما خصمه الأكثر جدية، فرناندو حداد من حزب العمال، فقد نال نحو 29.3%، لذلك تكمن أمامه حملة وجيزة إنما حادة لوقف بولسونارو في المرحلة التي تسبق الجولة الثانية المقرر عقدها في 28 أكتوبر.

ولكن في الانتخابات التي شهدت أيضاً اختيار البرازيليين 513 نائباً فدرالياً، و54 سيناتوراً، و1059 نائباً على صعيد ولايات، و27 حاكماً، مَن الفائزون والخاسرون الفعليون؟ كانت الكلمة التي استخدمها خبراء العلوم السياسية عموماً لوصف هذه الانتخابات "التجديد".

Ad

ففي مجلس النواب، سيشغل 243 مقعداً من المقاعد الـ513 (47.3%) وجوه جديدة لم تدخل الكونغرس من قبل، ويُعتبر هذا الرقم الأعلى منذ أكثر من عشرين سنة، أما الحزب الاشتراكي الليبرالي الذي كان مهمشاً، فانتقل بفضل شعبية بولسونارو المتنامية من مقعد واحد إلى 52 مقعداً ليصبح ثاني أكبر حزب في الكونغرس. ومن بين نوابه الاثنين والخمسين الجدد، 21 من رجال الشرطة، بمن فيهم فابيانا سيلفا من ريو دي جانيرو التي اكتسبت شهرة عندما صُوّرت أثناء مطاردتها مفتعلي الحرائق وهي تشهر مسدسها. في مكان آخر صار إدواردو بولسونارو، ابن جايير بولسونارو، نائباً فدرالياً مع تحقيقه نسبة الأصوات الأعلى في تاريخ البرازيل، مسجلاً 1.84 مليون صوت.

مما يميز هذه الانتخابات أيضاً أن نصف البرلمانيين المنتخبين من أصحاب الثروات، فقد صرّح 48.55% من النواب والسيناتورات الفدراليين عن ثروة تتخطى المليون ريال برازيلي (نحو 270 ألف دولار). وتأتي نسبة السياسيين الأثرياء أعلى في مجلس الشيوخ مع شغل أصحاب الملايين 36 مقعداً من أصل 54 مقعداً منتخباً، أما في الغرفة الدنيا، فيُعتبر 241 نائباً، أي ما يعادل 47% من المجموع، من الأثرياء.

إذاً، كافأ الناخبون البرازيليون "الحركة المحافظة المتشددة، والخطاب العدائي، والأصولية الدينية، فقد نما ميل الصياح عن المنابر ويعد بأن يزداد قوة"، حسبما يؤكد برناندو ميلو فرانكو، صحافي في صحيفة O Globo.

بالإضافة إلى ذلك، يذكر كارلوس إدواردو مارتينز، بروفيسور متخصص في العلوم السياسية في جامعة ريو دي جانيرو الفدرالية: "يشكّل فوز بولسونارو انتصاراً كبيراً للولايات المتحدة، التي ستكسب مساحات أكبر في السوق مع عمليات خصخصة الشركات الحكومية التي لا مفر منها، بما فيها شركة بيتروبراز على الأرجح. وعلى الصعيد الداخلي، يُعتبر ذوو الأملاك، ومصنعو الأسلحة، والحركة الإنجيلية، وقطاع الزراعة، أكبر الفائزين. أما العمال، الذين سيتعرضون وفق مارتينز لأسوأ الأحوال وأحلك الساعات، فمن بين أكبر الخاسرين من انتصار بولسونارو المرجح. يضيف مارتينز: "مع ليبرالية بولسونارو الجديدة المتشددة، من المستبعد أن يستعيد هؤلاء العمال الوظائف التي خسروها خلال السنوات القليلة الماضية".

رغم هذه التخمينات، فمن الضروري أن نشير إلى أن واحداً من كل ثلاثة برازيليين أعرب عن لامبالاته بما يستطيع الرئيس المقبل القيام به ليساهم في حياته اليومية. وتؤدي خيبة أمل الناخبين دوراً مهماً في الانتخابات مع امتناع 20.3% من البرازيليين عن التصويت، وهذه أعلى نسبة منذ عام 1998. فقد بقي واحد من كل خمسة ناخبين عموماً (ثلاثين مليون نسمة) في المنزل ولم يتوجه إلى صناديق الاقتراع، وعند إضافة هؤلاء إلى الأصوات الملغاة أو البيضاء، تصبح نسبة مَن لم يختاروا مرشحاً في هذه الانتخابات 29.12%.

يوضح البروفيسور ديفيد فليشر: "علينا أن ننتظر لنرى حقيقة بولسونارو في قطاعَي الأموال والأعمال في حال فاز في الجولة الثانية. رحّب معظم رجال الأعمال بانتخاب بولسونارو كبديل مؤقت لمنع حزب العمال من العود إلى السلطة. ومن المحتمل أن يستثمر رجال الأعمال الوطنيون والأجانب المزيد في البرازيل بقيادة بولسونارو، ما يحد بالتالي من البطالة. لكن الغموض (بشأن الاتجاه الذي سيسلكه الاقتصاد البرازيلي في عهد بولسونارو) يبقى التحديد الأكبر الكامن أمام البرازيل".

* فاليريا ساكون

* «غلوبل أميركانز»