كيف ولدت فكرة «لقاء»، وما هي رسالته؟

Ad

في الواقع، كانت الفكرة لديّ، لقاء مجموعة من أصدقائي الأدباء والشعراء وتبادل قراءات من نتاجنا الأدبيّ. وهكذا بدأنا. ثمّ بدأ كلّ واحد يدعو معارفه فاتّسعت الحلقة، وأضيف بعضُ الفقرات فتكوّنت أمسيات، وصرنا مجموعة تحوّلت إلى منتدى أخذ اسمَ الفكرة الأساس «لقاء».

يحفل الوسط الثقافي في لبنان بمنتديات أدبية، ما الخصوصية التي تميز «لقاء» عن غيره؟

خصوصيّة «لقاء» في اختلاف أمسياته عن الأمسيات المعروفة باستضافة شاعر أو مجموعة شعراء... أمسيات «لقاء» الشهريّة، العاديّة، مؤلّفة من ثلاث فقرات: «قراءات»، وهي مشاركة جميع الأدباء والشعراء الحاضرين، بنصّ أو قصيدة. ثمّ فقرة «كتاب جديد»، وهي إضاءة على إصدارٍ حديث، نستضيف المؤلّف الذي يقرأ منه نصوصاً أو قصائد. وفقرة «شخصيّة»، وهي إضاءةٌ على شخصيّة أدبيّة أو فنّان، من روّاد «لقاء» أو أعضائه. ولكلّ فقرة مقدّمٌ خاصّ بها، غالباً ما يكون من اختيار ضيف الفقرة.

منبر مفتوح

لقاء منبر مفتوح للأدباء والهواة على السواء، فضلا عن تكريم أدباء كبار، هل الهدف من ذلك كله الإحاطة بالحركة الأدبية في لبنان؟

نعم، «لقاء» منبر مفتوح. هذه فقرة «قراءات»، التي تستضيف الجميع وتستقطب كلّ حاضر الأمسية. الجميع مدعوّ إلى المشاركة. الهاوي والمبتدئ يجدان فيها فرصتهما، والمحترف له أيضاً إطلالته. أمّا الهدف فهو توسيع المساحة الأدبيّة، وانفتاحها على الحاضر والغد. كما على اكتشاف الإبداعات غير المعروفة.

انطلاقاً من موقعك كأديب ومؤسس «لقاء» كيف تقيم الإصدارات الجديدة التي تشهد ازدهاراً كبيراً؟

قلتُ دوماً إنّ ازدهار النتاج الأدبيّ علامة صحّة ونشاط. يبقى الفرقُ في الجودة. فكلّ كاتبٍ نصوصاً، نثراً كانت أم شعراً، يسعى إلى نشر كتاباته. ودور النشر والمطابع في أيّامنا تلهف أيّ نتاج، سلعةً، سعيّاً وراء العمل. لأجل هذا وُجبَ العمل على تقييم العمل قبل إصداره، من حيثُ النوعيّة أوّلاً، والجديد الذي يُقدّم إلى القارئ ثانياً.

هل ثمة قراء للأدب اليوم ومستمعون له؟

في رأيي، هم الأدباء والشعراء اليوم، المهتمّون بالشأن الأدبيّ قراءةً وسماعاً. وطبعاً من يُسمَّون المواهب الطالعة أو المبتدئون. لكن هذا لا ينفي وجود هواة، يستمتعون بسماع الشعر والأدب، تراهم روّادَ منتديات وأمسيات. هؤلاء، في اعتباري أديباً ومؤسّس منتدىً، لهم مكانةُ الصدر في «البيت الأدبيّ».

برأيك كيف أثرت وسائل التواصل الاجتماعي في الأدب، لا سيّما أنها تروج للاختصار في كتابة الفكرة بعكس الكتاب؟

أمَا بديهيُّ أن يركب الأدب متنَ الحداثةِ، فيَصِلَ إلى قاعدةٍ وسعَ المدى؟ هذا لا يعني أنّه حكماً سيطالُ الفكرَ البشريَّ في أطيافه. في رأيي، لن يقرأ من لا يهتمّ، ولن يتمتّع من لا تجذبه الكلمة.

من ناحيةٍ أخرى، ليس الاختصار بسهلٍ سهولةَ الإسهاب. إيصالُ الفكرةِ بإيجاز، في حدّ ذاته إنجازٌ فإعجاز.

خيار فكري

تميل إلى الأدب الاجتماعي، لماذا اخترت هذا النمط وإلى من تتوجه من خلاله؟

الأدب الاجتماعيّ خيارٌ يعكسُ شخصي وفكري. فأنا في الأساس ناشطٌ في الحقل الاجتماعيّ، وعاملٌ في الشأن العامّ. هذا النمط الأدبيّ، هو انعكاسُ قناعاتي، وتعبيرٌ عن القيم الإنسانيّة التي أنشدها في التعاطيات المجتمعيّة لعالمنا وبيئتنا.

برأيك هل يفترض أن يكون الأدب الاجتماعي وثائقياً نوعاً ما أم يمكن أن يمزج بين الواقع والخيال؟

الأدب الاجتماعيّ كما الكتابة في الإنسانيّات، هو صورةُ الواقع في ما هو عليه، وفي ما يجب أن يكون فيه. غيرُ ذلك مثاليّاتٌ فارغة وكلامٌ فضفاض.

حزت «جائزة أفكار اغترابية الأسترالية» التي أطلقها د. جميل دويهي، أخبرنا عن هذه الجائزة.

قد يعجبُ قارئي ههنا إن قلتُ: حصلتُ على جائزةٍ تُمنح في رحاب الأدب المهجريّ، لناشطين في الشأن الأدبيّ وأدباء يُبدعون. وأنا أصنّف نفسي: «أسعى إلى أن أكون أديباً». في نظر من رشّحني للجائزة، ومن منحني إيّاها، مشكواً بانحناءةِ عرفانٍ خالص، أنا على الدرب الساعي فيها إلى الأدبيّة. حسبي أن أكون من قيمتها وقامةِ ما يقدّرون فيّ.

يتنوع نتاجك بين القصّة والسيرة والنقد، فهل ثمة استمراريّة في خطك الأدبيّ في كليهما أم لكلّ نمطٍ أسلوبُه؟

أكيد، لكلّ نوعٍ بصمتي فيه، أُعرَف بها. أسمحُ ليراعي أن يخطّ في السبكِ اللغويّ المتين، كما في النصّ الأقرب إلى لغة التداول الشعبيّ.

ما الجديد الذي تحضر له راهناً؟

هل أسمح لنفسي ادّعاءً: رأسي يضجّ بنتاجاتٍ لا تهدأ؟ في الحقيقة اليوم، أهيئ لعملَين في أدب السيرة، وآخر في الأدب الاجتماعيّ أجمع فيه مقالاتي الكبيرة في هذا النمط.

أمّا على صعيد العمل الأدبيّ الميدانيّ، يبقى «لقاء» واحتي المفتوحة على كلّ نشاطٍ يقدّمُ الكلمةَ والفكر طبقاً ساخناً دسمَ الثقافةِ والإبداع.

تطور فكري

أصدر د. عماد فغالي كتابه الأول عام 2004، واستمرت بعد ذلك سلسلة إصداراته لغاية 2015، فهل ثمة تطور في نظرته إلى القضايا التي يعالجها أم استمرارية لفكرة معينة؟ يجيب: «في الجعبة بعدُ الكثير. ولا ننسى المقالات في الدوريّات الوطنيّة والعربيّة».

ويضيف: «طبعاً أنا أتطوّر فكريّاً وأدبيّاً. هذا دأبي وقناعتي. ما عدا ذلك تراجعٌ ودرْك». مع الخبرة الحياتيّة والثقافة، تنضج الفكرةُ وتكبر النظرة إلى القضايا العامّة، حدَّ التغيّر في القناعات، ما ينعكس طبيعيّاً على المضمون الأدبيّ والأسلوب التعبيريّ. تبقى المسلّمات، مبادئَ وقيَماً، الخطَّ الأحمر».