يتمحور الفيلم حول مسنَّين بيروتيين (من بيروت) متقاعدين (غابريل يمين وعادل شاهين) يعتادان لقاء بعضهما بعضاً يومياً في المقهى، يتناقشان في أمور الحياة والناس وآخر المستجدات، ويحلاّن الكلمات المتقاطعة كواجب يومي لتقوية ذاكرتهما وخشية فقدها، ويراقبان السيّارات والمارّة في الشارع ويعلّقان على ما يريان. أحياناً يشارك في أحاديثهما صحافي (رودريغ سليمان) وموظفة المقهى (مايا داغر).

Ad

تغير الأحوال

مع تطوّر أحاديثهما يكتشف المشاهد شيئاً فشيئاً كيف كانت أحوال البلد وما آلت إليه، لا سيما عندما يعلقان على حركة الشارع والمارة، ويراقبان عن كثب تغير أحوال الناس. ومن خلال ما يرويان أحدهما للآخر يكتشف المشاهد انسحاب المنطقة من حلمها وانسحابهما الصعب من هذه الحياة.

الفيلم عبارة عن مشهد واحد إطاره المقهى، لكنه يذهب بعيداً في الذاكرة ليصوّر كيف يغير الزمن الحجر والبشر ويفعل فعله في النفوس وفي قلب المقاييس، فما كان بديهياً عند الشخص في مرحلة شبابه يضحى في كهولته أمراً مهماً يخشى فقدانه، مثل المشي والحركة والذاكرة وغيرها... خصوصاً فقدان الحياة والسير بسرعة نحو الموت.

الفيلم غوص في مراحل حياة الأشخاص ومن خلاله مراحل حياة مجتمع وشعب، من أفراح وأحزان وآمال وآلام.

أبعاد إنسانية

على مدى مسيرته الفنية، لم يضع المخرج بهيج حجيج في أولوياته الأفلام التجارية بل كان اهتمامه بشكل خاص بالأفلام التي تحمل أبعاداً إنسانية، من بينها سلسلة حول تأثير الحرب في لبنان في الإنسان، والتغيرات التي أحدثتها في المفاهيم. في هذا السياق يندرج فيلمه الجديد الذي يركز فيه على المضمون أكثر من الإنتاج الذي جاء محدوداً، لكن ذلك لم يؤثر في أهميته، لأن أداء الممثلين عوض هذا النقص، وأعطى أولوية لقضية الإنسان بعيداً عن أية بهرجة أو ديكورات أو مؤثرات...

رغم أن الممثل غابريل يمين، يجسّد شخصية رجل كهل في الثمانينات من عمره، فإنه أجاد في رسم ملامح هذه الشخصية بكل ما تحمل من حنين وذكريات وانفعالات داخلية وخوف من العمر الهارب، وهي شخصية جديدة يجسدّها للمرة الأولى، لذا أعطاها كل ما تستحق من قيم إنسانية واجتماعية وفنية، وعمل على إيصال الفكرة والهدف منها بأفضل صورة ممكنة.

بدوره يشكل الممثل رودريغ سليمان، في دور الصحافي، صلة الوصل بين الماضي والحاضر، بين المسنَّين وبين الأحداث اليوم، ويستشرفان من خلاله ما يجري على الساحة العربية، وتبدو واضحة حماسته للدور من خلال أدائه بطريقة متقنة وعفوية في آن، هو الذي سبق أن رفض أعمالاً عدة لأنها لم ترض طموحاته الفنية ولم تقدم له جديداً، في حين أن دوره في «غود مورنينغ» يزخر بانفعالات تدفعه إلى إعطاء أفضل ما لديه.

يذكر أن رودريغ سليمان يشارك في فيلم ثانٍ ومسرحيتين يبدأ عرض إحداهما في 5 ديسمبر.