تزامناً مع الاحتفالات المصرية بالذكرى الـ 45 لحرب أكتوبر، شهدت دور النشر إقبالاً واسعاً على الكتب التي تناولت الحرب وأبرزت اللحظات الحاسمة في هذا الانتصار التاريخي للعرب عموماً وللمصريين خصوصاً.

وتبادل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً وحكايات ونبذات مختصرة عن حوادث وشخصيات تلك المرحلة المهمة، لا سيما الرئيس محمد أنور السادات، والمشير عبد الغني الجمسي، وسعد الدين الشاذلي، والبطل إبراهيم الرفاعي الذي كتب عنه الأديب جمال الغيطاني رواية بعنوان «الرفاعي».

Ad

كذلك حازت كتب كل من يوسف القعيد، وإحسان عبد القدوس، والورداني، وعمار علي حسن، وغيرهم نسبة كبيرة من اهتمامات القراء والمتابعين.

الرفاعي وحكايات الغريب

تتناول رواية «الرفاعي» بطولات العميد أركان حرب إبراهيم الرفاعي، مؤسس وقائد المجموعة 39 قتال، هذه المجموعة الاستثنائية في تاريخ العسكرية المصرية، والتي قدَّر للمؤلف جمال الغيطاني، أن يقترب إليها ويعايش أفرادها وأعمالهم القتالية عن قرب، إذ كان يعمل مراسلاً حربياً آنذاك. والرواية تحكي عن الرفاعي ورفاقه الأبطال الذين شاركوا في هذه الملحمة الكبرى التي غيرت تاريخ المنطقة.

وأحد كتب الغيطاني الذي حاز إقبالاً واسعاً أيضاً «حكايات الغريب»، وهو مجموعة قصصية كتبها عام 1976 وركزت على روح أكتوبر التي تفجرت شعبياً، خصوصاً أثناء حصار السويس، إذ وجد المواطن المصري البسيط نفسه إزاء تحدٍ كبير، فأبى أن يترك أرضه، ودافع عنها بكل ما أوتي من قوة.

تدور المجموعة حول حكاية المواطن والجندي المصري «عبد الرحمن»، الذي اختفى بين نكسة 1967 وحرب أكتوبر المجيدة 1973، وظل أهله وأقاربه يبحثون عنه ليجدوا في كل مرة من يؤكد لهم أنه كان موجوداً في إحدى المدن ولكن باسم آخر.

«الحرب في بر مصر»

وعاد الأديب يوسف القعيد إلى صدارة المشهد الثقافي بروايته «الحرب في بر مصر» وتروي حكاية «مصري»، بطل الحرب التي تجسد تضحية جيل بأكمله في 6 أكتوبر. ولما كان تأثير الحرب يتجاوز الجانب العسكري في ميدان المعركة، فيمتد إلى آثار إنسانية شديدة العمق، فإن القعيد لم يكتب في تلك الرواية عن المعركة ذاتها، ولكن عما حدث من تداعيات في نفوس الجنود، والناس عموماً.

كتب عن الجنود باعتبارهم بشراً عاديين، في وقت كان الإعلام المصري، يتعامل معهم على أنهم أبطال، وتذهب روايته «الحرب في بر مصر» التي حازت المرتبة الرابعة ضمن أفضل مئة رواية عربية إلى أن ثمة مصريين ضحوا بأرواحهم في الحرب، في حين ذهبت العائدات المترتبة على النصر إلى طبقة الأثرياء التي تهرب أبناؤها من التجنيد.

وكانت لروايات الأديب إحسان عبد القدوس نسبة من اهتمام القراء أيضاً، خصوصاً «الرصاصة لا تزال في جيبي»، وهي إحدى أولى الروايات التي تناولت الحرب، صدرت عام 1974، ويصف فيها الراوئي حال الجنود المصريين خلال حرب أكتوبر والانتصار فيها.

وتحولت الرواية إلى فيلم يحمل الاسم نفسه أُنتج عام 1974، أدى بطولته كل من محمود ياسين وحسين فهمي ويوسف شعبان وصلاح السعدني، وسعيد صالح.

كذلك أصدر روايته «العمر لحظة» التي تدور أحداثها في أواخر عام 1969 وأوائل 1970 خلال الفترة المعروفة بحرب الاستنزاف.

«زهر الخريف»

وألقت مناسبة أكتوير الضوء مجدداً على رواية «زهر الخريف» للأديب والباحث السياسي الدكتور عمار علي حسن. وتدور أحداثها حول الشابين، علي عبد القادر إسماعيل وميخائيل ونيس سمعان، اللذين عرفت الصداقة قلبهما وجمعهما حب البطولة والكفاح لحماية قريتهما الطيبة من عصابات الليل، وكأن القدر كان يعدّهما لتحقيق بطولة أكبر وهي المشاركة في حرب أكتوبر 1973. لم يترددا في تلبية النداء، ورحلا سوياً وهما يحلمان بالعودة برايات النصر خفاقة، إلا أن حلمهما لم يتحقق، فقد روت دماء ميخائيل الأرض، أما علي فضاع في الصحراء الواسعة ولم يجد البحث عنه نفعاً إلى أن تكشف لنا الرواية في نهايتها أنه مات محترقاً في إحدى الطائرات.

«نوبة رجوع»

في روايته «نوبة رجوع» يرصد الأديب محمود الورداني كيف واجه العسكري المصري الموت بمنتهى البساطة، ومن دون تعقيد. كذلك يتناول الكاتب ما بعد الحرب من انفتاح اقتصادي واهتزاز الشخصية المصرية.

والرواية صدرت عام 1990 عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب»، إلا أن الورداني انتهى من كتابتها عام 1982. وعن تأخره هذا قال إن الحرب تجربة كبرى تشبه السجن والموت، من ثم لا بد من استيعابها أولاً قبل الكتابة عنها.