«آخر العنقود يسقط أولاً»، ديوانك الأول، إلامَ يرمز العنوان؟

في معناه المباشر لا يعنى هذا العنوان بمضمون المجموعة بقدر ما يرمز إلى التجربة الشعريّة الّتي خضتها ككلّ. إنّهُ يتنبّأ بأنّ هذا الّذي يظهر الآن هو أصغر تجاربي سنّاً وأوّلها ظهوراً.. أمّا عن أفق المعنى فيتركُ لعناقيد القارئ.

Ad

هل يمكن أن تعطينا لمحة عن الديوان؟

يحاكي الديوان في قسمه الأول «صائدو القلق» الشاعر والفيلسوف والباحث عن الحقيقة في علاقته مع ذاته، مع الآخر ومع الطبيعة.. ‎أما في قسمه الثاني «أنا كل نساء الأرض» فيتمحور حول المرأة وأقنعتها المتعددة، المرأة الصادقة، والخائنة، والمتصوفة، والحالمة، والسادية، والمازوشية... بينما يتضمن القسم الثالت ‎«فوتوغرافيا» ومضات شعرية تشابه لحظات الوحي عند الشاعر، وتقدّم مشاهد قصيرة مقتطفة من رحلة صنعه القصيدة.

كيف تحددين قصائد الديوان؟

تنتمي إلى الأسلوب الأدبيّ الذي يوغل عميقاً في الأسئلة الفلسفية الوجوديّة.

لماذا اخترت هذا الوقت بالذات لإصدار ديوانك الأول؟

لا سبب جوهرياًّ لاختياري هذا الوقت بالذات. تريّثت في نشر نصوصي لسنوات، ربّما لأنّني لم أكن بعدُ واثقةً من نصّي. ثقتي بهِ جعلتني أنشر وقد حرصتُ على أن يجهز الكتاب قبل معرض الكتاب كي لا أضطرّ إلى تأجيله سنة أخرى...

هل ثمة حضور للوقت في الشعر؟

لا معنى للوقتِ في الشعر، يمكنه أن يكون موضوعاً مؤقتاً لهُ لا أكثر.

مفاهيم موروثة

هل يمكن اعتبار القصائد صدى لرؤيتك للحب للأرض للوطن؟

فضفاض جداً هذا الحديث عن الوطن والأرض والحبّ... بإمكاني أن أقول إنه صدى لصراعي مع ذاتي، مع الوطن في مفهومِهِ الرحبِ، مع الحبّ في مفهومه الرحبِ أيضاً. خرجتُ بالفعل، أو ولدتُ خارجةً عن المفاهيم الموروثة عن هذه العناوين الثلاثة.

حزن وخيبة وصوت فقير وخبز ونار وغيرها من تناقضات المشاعر تنبض بها القصائد، هل تعكس تجربتك في الحياة أم رؤيتك لها؟

لا تجربتي ولا رؤيتي. إنّها تعكس تفاعلي معها. الشعر يدور في فلك التضادّ ليفهم فيهِ هذا العالم. هكذا تتبلور الذات في الشعر، وهكذا تصنعُ الخلاصات، أو تخلق.

في قصائدك ثمة انتظار، انتظار من أو ماذا؟

الانتظار صناعةٌ أيضاً. تودي بنا الحياة في شكلها المعتاد إلى سأمٍ لا ينتهي، لكنّنا مع ذلك نتعلّق بسحر الانتظار، نحافظُ على دهشتنا إزاء كلّ ما يحويه هذا العالم ولا يحويه فكرنا. أنا إذاً أنتظر ذاتي الآتية في ذاتي المتحققة الآن.. هكذا لا نكفّ عن النموّ في الشعر.

هل تنشدين في شعرك الكمال لذا تكثر الآلام والمعاناة؟

يحتاج الأمر إلى طاقة كبيرة للتخلص من مثاليّتنا، لتقبّل هذا العالم في نقصه، لرؤية الجمال في هذا النقص.

صراعي في الشعر يشبه صراع الحضارة والغابة، صراعٌ لا ينتهي ولا يستغنى عنه لأنّه مصدر معرفتنا.

كيف تتعاملين مع الرجل في شعرك؟

الرجلُ شريكي الدائم في فعل اكتشافي ذاتي، هو الذكورة المضادة لأنوثتي والمكمّلة لها. وينبعُ تصالحي معه من فيض الأمومة التي اكتشفتها في ذاتي تجاه كل الأشياء والأشخاص في هذا العالم... الرجلُ طفلٌ أيضاً، يبحث عن امرأةٍ تحويه، ثمّ يحويها.

كيف تحددين الشعر؟

سؤال فلسفيّ لا إجابة عنه. الشعرُ لعنتنا الجميلة. وأظنّ أنّني سأقضي عمري الآتي في محاولةِ تحديده من غير أن أنال مرادي. الشعرُ هو «أن نوشكَ» دائماً.

تغيير وإرادة

كشاعرة شابة، هل تعتبرين أن ثمة تغييراً يمكن أن تحدثيه من خلال شعرك في حث المرأة على تغيير واقعها؟

التغيير ينبعُ من إرادة المرأة أو قرارها. لن يغيّر شيء ما في النساء حتى يغيرن ما في أنفسهنّ. الشعر قد يعبّر عن معاناة المرأة، لكنه غير قادرٍ على شفائها.

إلى متى ترقى علاقتك بالشعر؟

إلى متى؟ كتبتُ عند أول سؤال سألته، وسأكتب إلى أن أموت. سأكتبُ قصيدة عندها. إن كان ثمة حياةٌ بعد الموت، سأتابعُ هناك. إنني أحيا بالشعر.

هل ثمة تأثر في شعرك بشعراء كبار؟

كتبت قبل أن أقرأ. لكنني بالتأكيد معجبة ببعض الشعراء العظام وعربيّاً قد أتحدث عن الشاعر محمد علي شمس الدين، وعن وديع سعادة، وسليم بركات، وغيرهم من أساتذتنا.

كيف تقيمين وضع المرأة الشاعرة الشابة اليوم؟

إنها قوية بما يكفي لتكون وتنضج. لستُ بخائفة علينا، فقد بدأنا باكتشافِ طاقاتٍ دفنتها فينا العصور.. يا نساء العالم، أنتنّ كائنات متفوّقة.

ما الجديد الذي تحضرينه راهناً؟

لا شيء في الشعر، انصرفتُ الآن إلى القراءة. لكنني أتابع دراساتي الأكاديمية العليا في الفلسفة والإعلام، وسأنتظر أن أشهد مرحلتي المقبلة في الشعر لأنشر ثانيةً.. إلى ذلك الحين سأظهر في أمسياتٍ شعريّة بالتأكيد.

تفاصيل 1

كتفان

عاريان من الليل

مضيئان

بهيّان

يليقانِ بانكسارِهِما

والصوتُ وجهُ ماءٍ

يليق بالرتابة الّتي تعقب الحياة

أو تطعنها

حرّاسُ الليلِ عميانٌ

ولا شيءَ لتلتقطهُ البصيرة

في فراغين

لا سَفَر يُحصي عدد الشامات في جسدٍ يعدّ الفراغَ للبكاء

فالمجرّات الهائلة الخائفة الّتي تحمل احتراقها على كفّيها

تُهابُ ولا تُحصى

ولا دربَ يطأ سياج الصدى

بعد انتحابِ النشوة

والموتُ لطيفٌ جداً

بسيطٌ جداً

يقبلُ دعوة الفقراءِ إلى الموائدِ الأخيرة الّتي تعوي من الجوع

وترتشفُ الفقرَ الفاحشَ من فرطِ يباسِ النبيذ

كأسٌ فارغٌ من النورِ

ووردٌ مهجورٌ

وشمعٌ في طورِ اختفائهِ

والموتُ هنا

يتلمّس آخر منحنياتِ الأحلامِ في الشرود

ينبعثُ في آخر زوايا المرايا

طلاسمهُ في أذنين اعتادتا سماع الرعشة التالية للولادة

والخصرُ مثقلٌ بأظافرهِ

والعتمة

غرق

غرق

غرق

...

...

...

تطرق جارتي العجوز بابي في الصباح لتقول لي: أعدّي لهُ موائدكِ كلّ ليلةٍ، لينساني..

* من قصائد

زنوبيا ظاهر