الأكراد مطموسون! حقوقهم مخفية، لا يدركهم أحد، كم منا يعلم أن عبدالباسط عبدالصمد القارئ من أصل كردي! وكذلك عباس محمود العقاد! والممثل الفكاهي نجيب ريحاني، ورشدي أباظة بل سعاد حسني... كلهم من أصول كردية!

وماذا عن المصريين؟ «المصريون أقباط يتحدثون العربية»، هذا ما صدح به سعادة الدكتور وسيم السيسي، فليست الأعراق العربية إلا جزءا من خليط الأعراق التي تحتضنها أم الدنيا مصر؛ فالقبطية ليست ديناً بل هي عرق يفتخر به، بل لا تزال مدينة «الزينية» في مصر تتحدث باللغة القبطية.

Ad

والآن نذهب إلى الشام أو إلى الفينقيين واليونانيين بالأحرى! فالإمبراطورية الآشورية غير العربية حينما دخلت بلاد الشام في العصر البرونزي، ألقى اليونانيون عليهم لقب الآسوريان من أصل الآشوريين، التي منها صرنا نسمي بلاد الشام حاليا «سوريا»، والأبحاث تؤكد وجود مجتمع يوناني صافي العرق في سورية حتى يومنا هذا قوامه 40500 في حلب، أما الشاعر اللبناني سعيد عقل فلقد سعى إلى إحياء اللغة الفينيقية من جديد، ويستحق الدعم برأيي.

وأنا شخصياً عندما وقفت في البتراء في الأردن شعرت أنني في حضرة أرسطو وأفلاطون، ونسيت أنني مع أبي محمد الأردني العربي، فالعروبة في حقيقتها دخيلة على تلك البلاد الشمالية، والعرق الهاشمي سيد المسلمين مهما قال لنا التاريخ، وماذا عن مورد الآشوريين، فالعراق العظيم كان سومريا وأكاديا؟

ومن منا يعرف أننا نعيش الآن في سنة 2968؟

نعم؛ إننا الآن في سنة 2968 أمازيغية، الموافق لسنة 2018 ميلادية، فهذا التقويم الذي لا يزال البربر في ليبيا والجزائر والمغرب وتونس وبادية مصر يحتفلون به، بمناسبة انتصارهم في معركتهم ضد الفراعنة قبل ميلاد المسيح، نحن نفخر بابن خلدون مؤسس علم الاجتماع للعالم أجمع، وعباس بن فرناس أول من طار بالعالم، وبمن سافر حول العالم ابن بطوطة، ولا نعلم أنهم أمازيغيون.

إذن ما هي القومية العربية؟ وملاحظة مهمة للقارئ، فليس الخليجيون واليمنيون هم العرب الوحيدين؛ ولكن لا يصح طمس سائر الأعراق بالوطن العربي، ووصفهم بالعرب عِرقا، بل ينبغي وصفهم بالعرب بمعنى آخر تماما غفلت عنه الأجيال، معنى اللغة والمواطنة.

أما تعريف هوية الإنسان العربية فإنني أتفق مع رأي أغلب العلماء الذين من ضمنهم ابن خلدون، بأن العربي هو من أعرب باللفظ، فلو كانت الأمور مجرد جينات وراثية، فلن تبقى بيننا مواطنة، فالوطن هو ما وِطنت النفس عليه من مبادئ وولاء، وليس ما يثبته مختبر الأحماض الجينية.

فأدام الله المواطنة في الجمهورية العربية السورية والمصرية والجزائرية والصومالية والممالك العربية المغرب والسعودية والبحرين، وسائر البلدان العربية، فلن تستقر إلا بالمواطنة.

ومن الظريف أن أختم باللهجة الكويتية التي تؤكد معنى المواطنة بعفوية «أنا ما أواطنك بعيشة الله!». لا نقولها إلا في حالة الاشمئزاز من شخص، ونرغب في الانفصال عنه في حياتنا التي نعيشها، وأنا كعربي أواطن الكرد والقبط والفينيقيين والحبشيين والنوبيين والفرس والمئات من الأعراق الذين نتواطن معهم في مجتمعنا العربي، لمَ لا وكلنا يُعرب؟ ولا فرق بيننا إلا بالتقوى؟ وكيف لا نواطن من مدح لغة حرف الضاد، أمير شعراء العرب الكردي أحمد شوقي؟

إن الذي ملأ اللغاتِ محاسناً

جعل الجمالَ وسرَّه الضادِ