توصف الدروس الخصوصية بالسوق السوداء للتعليم، وهو وصف صحيح مئة في المئة، فهي سودت وجه تعليمنا، وجعلته يحتل المدارك السفلى في الترتيب العالمي، وفضحتنا في مؤشرات الجودة التعليمية، بالإضافة إلى حجمها الكبير جداً، والذي يصل كما نقلت إحدى الصحف إلى مليار وثلاثمئة ألف دينار، كما أنها طابقت شروط ومقومات قيام كل الأسواق السوداء العالمية وخصوصاً في معادلة: "يكون حجم السوق السوداء أصغر في الدول التي تكون الحرية الاقتصادية أكبر، ويزداد حجمها في المجتمعات التي يكون فيها فساد أكبر"، والسوق السوداء التعليمية ينطبق عليها هذا التعريف، فهي لا تنمو إلا في ظل فساد سرطاني لحق مع الأسف بمؤسستنا التعليمية، وما زال ينهش جسدها يوما بعد يوم، فحق لها تحت هذه الظروف أن تسرح وتمرح فيه كما تشاء.

أتمنى وأرجو من وزارة التربية أن توقن بحقيقة أن "العقل السايب يعلم سماسرة التعليم سرقة مستقبل أولادنا"، وأن تؤمن أيضا بأن العقل السليم في المنهج السليم، فلا تغيير المناهج كل فترة سيحل مشاكل التعليم، ولا حشوها بما لذّ وطاب من اللغو والتهريج وتمطيط الجداول وأوقات الدوام الرسمي سيخفي رائحة التخبط التعليمي الفائحة التي نشمها سنوياً! وفيمَ الخصام يا تربيتنا وأنت الخصم والحكم؟ فلم يطعنا سماسرة التعليم إلا بخنجر تراخيك، مستغلين ضعف أدائك، وقلة حيلتك المنهجية، وعجزك عن كبح جماح شفطهم لآخر دينار في محفظة أولياء الأمور ثمناً لتعليم من المفترض أن يكون ثمنه الدستوري المرصود في شيك المادة 13 هو "مجانا" فقط لا غير!

Ad

لمعالجة آفة الدروس الخسيسية لا بد من تضافر جهود جهات ثلاث أولاها مجلس الأمة عبر تشريعات تطلق يد القانون لمحاسبة من يتلاعب بتعليم أجيالنا ومستقبلهم، والثانية وزارة التربية التي يجب أن تسحب سلاح سماسرة التعليم الأساسي، والمتمثل بضعف المناهج وحشوها وغثاء سيلها، وصعوبة القدرة على شرحها في الدوام الرسمي، بالإضافة طبعا إلى تشديد شروط عقودها وجزاءاتها، أما الثالثة والأهم فهي متعلقة بأولياء الأمور، فهم منجم ذهب سماسرة التعليم، وإن تعاونوا مع جهود الدولة فهنا سيتم قطع شريان هذا الوباء المستفحل والمسمى بـ"الدروس الخسيسية".