طريقة بنيامين نتنياهو في الاستجداء السياسي على منبر الأمم المتحدة لا تعكس سوى حالة الهلع والهستيريا النفسية التي يعانيها هو وكيانه الغاصب، ولا يتردد أن يدفع بكل الوسائل إلى خلق فتنة جديدة في المنطقة.

فمن الناحية السياسية عندما يعلن هذا الأضحوكة أن بعض الدول العربية، ويقصد بها الخليج، باتت أقرب إلى إسرائيل من أي وقت مضى، فإن الهدف من ذلك هو إحراج هذه القيادات في محاولة يائسة للتعبير عن تحقق أمر واقع تمهيداً لتمرير ما يسمى صفقة القرن، بالإضافة إلى سكب الزيت على نار الخلافات الإيرانية الخليجية والتسويق لفكرة التقاء المصالح بين إسرائيل والخليج في هذا الشأن.

Ad

نتنياهو بات كالبائع المتجول يولول حاملاً مجموعة من اللوحات والخرائط حول المواقع النووية الإيرانية، المعتمدة أصلاً لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولم يعد الرجل يخجل مما يتعرض له من استهزاء ومسخرة لأسلوبه الكاذب حتى من قبل حلفائه الأميركيين!

صهاينة إسرائيل بالتأكيد لا يرفّ قلبهم لأمن الخليج أو شعوبه، وما تعانيه حكومة اليمين المتطرف من عزلة دولية وانتفاضة فلسطينية وخسارة أطراف دولية وإقليمية كانت تعوّل عليهم كالأتراك والأكراد في العراق، وأخيراً الروس الذين وجهوا لها صفقة لم تكن على الخاطر، هو محاولة للاستنجاد بالآخرين، وبالتأكيد فإن سيناريو العدو الإيراني المشترك قد يكون الورقة الأخيرة التي يعول عليها أملاً في توفير الضغط الأميركي أيضاً.

الخلاف الإيراني-الخليجي مؤسف حقاً ويتراوح ما بين المد والجزر منذ أربعة عقود، وحالياً يبدو في ذروته سلباً، ومن الجدير التعاطي معه وفق مصالح دول المنطقة، ورغم ذلك فإن طبيعة التصعيد الخليجي له سقف لا يمكن أن يتم تجاوزه إلى حالة الصدام المباشر، نظراً لتوازنات وضمانات دولية وتوافر مظلة الحماية الخارجية للمنطقة، كما أن الردع المتبادل بين ضفتي الخليج يشكل صمام أمان آخر لاحتواء الأزمة من الوقوع في أتون الحرب الشاملة، وعلى الرغم من بقاء بعض السيناريوهات الأخطر قائمة فإن المعاهدات الأمنية والشراكات الاستراتيجية هي الكفيلة بالدفاع عن الدول الخليج لا إسرائيل المدينة في وجودها على الغرب والولايات المتحدة تحديداً.

ويكمن البعد الآخر في استجداء نتنياهو في محاولته اليائسة لتحييد دول الخليج عن القضية الفلسطينية التي باتت على أبواب الانفجار مجدداً بعد تنامي مسيرات العودة، وتحلم إسرائيل بأن تنجح، عبر التطبيع، في إلغاء محورية القضية الفلسطينية في الوجدان العربي، وهذا ما يرفضه الواقع، فهذه مصر وبعد نصف قرن من التطبيع لا تزال من أكثر الشعوب الرافضة لهذا التطبيع، ويسري الحال على الشعب الأردني والشعب التركي، وحتى الفلسطينيون أنفسهم ما زالوا في حالة حرب، ويقدمون الشهداء والزنزانات الإسرائيلية مليئة بالأسرى بعد اتفاقية السلام قبل عقدين من الزمن، والسبب في ذلك ببساطة أن إسرائيل هي الكيان الوحيد على وجه الأرض المدان كسلطة احتلال، وجرائمها موثقة في جميع المرجعيات الأممية، وهي المنتهك الأول لكل القوانين والمواثيق الدولية والإرهاب الرسمي، لذلك فإن الجواب الوحيد عن هذه المسرحيات الصهيونية الممتدة من عمق التاريخ يجب أن يكون بـ"الشلّوت" فقط!