أول العمود:

Ad

التثقيف الإداري للموظفين ضروري جداً، لايزال البعض يقبل هدايا من شركات ويعتبرها "نقصة"!

***

يعلم أعضاء ديوان حقوق الإنسان الذين تم تعيينهم مؤخراً حجم المسؤولية التي أوكلت إليهم، ويعلمون أيضاً شكل وروح البيئة الكويتية الإدارية التي سيعملون فيها، وربما يُقدرون نمط فهم حقوق الإنسان في الذهنية الكويتية التي وضحت بشكل جزئي بعد غزو العراق لبلدنا المسالم بملفاته الإنسانية، وربما ستظهر لهم – مع تشغيل الجهاز – مناطق الحركة السهلة والشائكة.

أقول ذلك بيقين مستنداً إلى شيئين، الأول: هدف الحكومة والبرلمان من بناء هذا الجسم الجديد والذي اتضح في مواد القانون حيث تمت مواءمته مع الفهم العام لحقوق الإنسان عندنا، وثانياً من الممارسة الفعلية لجهاز يعمل في جبهة مشابهة، وهو "نزاهة"، لمكافحة الفساد. فـ "نزاهة" تجربة أو حالة يجب على الديوان أن يتعظ منها عندما يبدأ بالتبشير بمهمته في المجتمع وبتعامله مع المؤسسات الحكومية المعطوبة إدارياً.

ظهور الديوان بصيغته (المقبولة) اجتماعياً وسياسياً له خلفية امتدت مع نقاشات برلمانية أخذت طابع المناكفة بين التيار الديني والليبرالي والمستقل في منتصف التسعينيات، وقد شَهِدتُ شخصياً جوانب منها في قاعة عبدالله السالم، وفعلت هذه المناكفات مفاعيلها لوأد المشروع الذي كان بعنوان "هيئة"، وليس ديواناً آنذاك، التيار الديني كان يرى في الهيئة معقلاً جديداً لليبراليين فعرقلها بشتى الطرق والحجج السياسية والعقائدية، ومات الموضوع حتى عام 2015 سنة صدور القانون.

شخصياً لست مع مهاجمة الفكرة – لأن الهجوم فعل سهل ويوحي باطمئنان كاذب لأداء واجب النقد – كما أنني لست مع مهاجمة الشخوص لأنهم سيتعلمون الكثير من هذه التجربة وسيتغيرون حتماً بعد انتهاء مدة دورتهم وهذا بحد ذاته مكسب. ما يقلقني حقا سأصوغه في سؤال:

هل ستستغل الحكومة فرصة وجود جهاز سيعمل – رغم عدم تناغمه مع معايير دولية محددة – لتحسين وضع الكويت داخلياً وخارجياً، ويكون ذراعاً مساندة للسياسة الخارجية، إضافة إلى ذراع المساعدات الاقتصادية ودور الوسيط السياسي في حل مشاكل المنطقة؟

هذا السؤال يجب ألا يكون محل جدل، بمعنى يجب أن تكون الاجابة "نعم" كبيرة لأننا كدولة صغيرة باتت تضعف في مواجهة تحديات جمة، فالقوة الناعمة (الثقافة) يجرى تجريفها بشكل أجرم بحق تاريخ الكويت المعرفي والثقافي والفني والذي كان يساند صاحب القرار في الترويج للكويت كبلد ناهض منذ الستينيات، الآن هذا الجناح تم تكبيله وتجري عرقلته.

الكويت في خطر فقدان فرص تقوية موقفها محلياً وإقليمياً ودولياً، وهذا يتطلب إعادة المشهد الثقافي الكويتي المعهود في المحيط العربي، ودعم ديوان حقوق الإنسان بكل قوة لأنه عنوان حضارة وعدالة المجتمعات منذ عقود، إضافة إلى القوة الاقتصادية التي باتت شبة وحيدة في تأمين الاستقرار السياسي المؤقت والمتقطع، والدور المحوري الذي جاهد سمو الأمير في تحقيقه وسط الصراعات والقلاقل التي تحيط بحدودنا ومصالحنا.

نتمنى لديوان حقوق الإنسان "طيب الإقامة" في ملفات حقوق الإنسان المعتقة كالبدون والمرأة والعمالة، ونتمنى أن يكون قريباً لكلام الناس وهمسهم فنحن أمام فرصة تاريخية.