يقال، والعهدة على الراوي، أنه كان هناك ثلاثة حرامية في إحدى القرى، الأول اختص بسرقة الدجاج، والثاني بسرقة الأغنام، أما الثالث فاختص بسرقة الأبقار، واشتُهر كل منهم في تخصصه، حتى تَبيّن أمرهم وانكشفوا لأهل القرية، وتمت محاكمتهم، فأقسموا بأغلظ الأيمان أنهم لن يعودوا إلى فعلتهم، وفعلاً لم تحدث سرقات في القرية، الأمر الذي جعل أهلها يتركون حلالهم دون حراسة.

وبعد فترة سُرِقت دجاجة، فذهبوا إلى حرامي الدجاج، فأقسم أنه لم يسرق الدجاجة وأحضر شهوداً بأنه ليلة السرقة لم يخرج من منزله، وفي اليوم التالي سُرِقت نعجة فأحضروا حرامي الأغنام، وأقسم كزميله أنه لم يسرقها، وفي الليلة الثالثة سرقت بقرة، فأحضروا حرامي الأبقار، وأيضاً أقسم أنه لم يسرق البقرة كزميليه، فاستغرب الأهالي وقرروا استئجار رجل من خارج القرية لمراقبة الحرامية ليكتشفوا أن هؤلاء الحرامية الثلاثة تبادلوا الأدوار، حيث أصبح حرامي الدجاج حرامي أغنام، وحرامي البقر حرامي دجاج، أما حرامي الأغنام فأصبح مختصاً بسرقة الأبقار.

Ad

هذه الرواية لا تختلف عن واقعنا، فالحرامية في زمننا متخصصون، كل حسب خبرته، فمنهم من يسرق المال العام، ومنهم من تخصص في سرقة أراضي الدولة، وثالث تخصص في المناقصات والمشاريع، وأحياناً يتبادلون الأدوار والتخصصات، وأصبح الكل يعرفهم، ومع ذلك يخرجون علينا ويقسمون بأغلظ الأيمان بأنهم شرفاء ووطنيون ومخلصون للوطن وللشعب، وأنهم يحاربون الفساد وسراق المال العام.

يعني بالعربي المشرمح:

حرامية الدجاج والأغنام والبقر هم أنفسهم حرامية المال العام وأراضي الدولة والمناقصات، وإن اختلفوا في التخصص.