بيّنت في كتابك «عامل الخوف» أن لدى الأطفال الذين يواجهون خطر الإصابة بأمراض نفسية، لا يستجيب محفز الخوف في دماغهم، أو اللوزة الدماغية، عادة للوجوه الخائفة. كذلك يدَّعي البعض منهم عدم مروره بتجربة الخوف سابقاً. ماذا يقول لنا هذا الأمر عن التعاطف؟

Ad

حقيقة أن ثمة أناساً يحملون قسوة كبيرة في قلوبهم، ولديهم صعوبة في التعرف إلى خوف الآخرين تؤكد أن الفرق بين البشر مهم لفهم التعاطف. يشكِّل غياب استجابة اللوزة الدماغية لخوف الآخرين حلقة مهمة في هذه السلسلة، لأننا نعرف أن هذا المحفز ضروري لتجربة الخوف أيضاً. فإذا كنت تعاني صعوبة في الشعور بالخوف بسبب عطل في اللوزة الدماغية، كيف ستستجيب عاطفياً لخوف شخص آخر؟ وإذا كنت لا تستطيع أن تفهم تجربته، لماذا ستكون لديك دوافع لمحاولة التخفيف من معاناته؟

استجابة

• ما الذي يحدث في غالبية العقول عند استجابتها لخوف شخص آخر؟

بطريقة ما، ثمة محاكاة داخلية للخوف. نحن ما زلنا نحاول معرفة كيف نختبر الخوف، ولكن من المرجح أن يكون هذا الأمر عبارة عن مجموعة من الاستجابات عبر الدماغ في المناطق المسؤولة عن الدوافع، والتجربة الذاتية، والاستيعاب الداخلي، والشعور بالحالة الداخلية الخاصة للشخص نفسه. وعندما تستجيب كلها بطريقة منسقة لبعض التهديدات الخارجية، يمنحك ذلك الشعور بالخوف، وعندما تستجيب لخوف شخص آخر، فإنك تعيد بذلك توظيف المسار نفسه للحصول على تمثيل داخلي منه، ما يسمح لك بتسمية ما يشعر به الآخرون. ويبدو أن اللوزة الدماغية مسؤولة عن تنسيق تلك الاستجابة.

• ماذا عن التطرف في حب الغير، كأن يتبرع شخص ما بكليته لمريض غريب تماماً؟

ثمة أشخاص لديهم قسوة كبيرة ولا يعترفون بالخوف، وأشخاص متوسطون يختلفون في مدى حبهم الغير ومدى إدراكهم خوف الآخرين. بفضل تجربتي، عندما أنقذني ذلك الشخص على الطريق السريع بعدما اجتازه على قدميه غير آبه بنفسه، كنت دائماً أريد أن أفهم ما الذي يدفع شخصاً لفعل أمر غاية في الإيثار.

• تستجيب أدمغة محبي الخير بصورة غير مألوفة للوجوه الخائفة، ويطلق عليهم اسم «مضاد المريض النفسي». هل تخيلت كيف تكون الحال إن كنت في أحد القطبين على حد سواء؟

من الصعب أن نتصوّر الخوض في العالم ونحن بمنأى عن معاناة الآخرين كما هي الحال لدى المرضى النفسيين. هذه إعاقة في بعض النواحي. الأمر أسهل مع محبي الغير، لأن معظمنا يمكنه أن يفهم شعور الرغبة الشديدة في مساعدة شخص ما. في أحد فصول الصيف، علقت ابنتي، التي كانت لا تزال تتعلم السباحة، تحت أنبوب داخلي. لا يزال صوتها محفوراً في دماغي: «أمي، ساعديني». كانت استجابتي فورية: قفزت إلى الماء لإخراجها من هناك، وفهمت بعد ذلك ماهية الشعور. فكرة أن ابنتي في خطر كانت محفزة للغاية. ومن الصعب بالنسبة إلي أن أتخيل وجود نفس الشعور بإلحاح تجاه الغرباء.