الكويت على مسافة متساوية من جميع القوى، وهي تمثل الدور الحيادي والإيجابي في منطقة الشرق الأوسط، بل في العالم أجمع، الكويت هي أمة السلام والتنمية، والتي تركز وتسعى بكل قوة من أجل صناعة مستقبل آمن للأجيال الحالية والأجيال المقبلة، الكويت لديها من الإمكانيات والقدرات ما يؤهلها لهذا الدور المحوري في صنع السلام العالمي، الكويت مع قائدها وزعيمها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح تمثل دوراً فاعلاً في السياسة والسلام الدولي على كل المستويات والصُّعُد.

هذا غيضٌ من فيض لمجموعة الرسائل والإيجابيات التي مثلتها زيارة سمو الأمير للصين وبداية التعاون الاقتصادي وتطوير الجزر الكويتية بالشراكة مع التنين الصيني العظيم، هذا بالإضافة إلى ما تمثله زيارة سموه الأخيرة لأميركا من قراءة حكيمة لمعادلات التوازن الدولي والتغيرات على مستوى الساحة الدولية. ويبقى السؤال الأهم الآن: بعد كل ما فعله ويفعله سمو أمير البلاد هل نكون نحن على قدر المسؤولية وعلى قدر الحدث لنكمل مسيرة التنمية التي وضعها وسار ويستمر على دروبها سمو الأمير في تحويل الكويت إلى مركز تجاري ومالي عالمي؟ هذا هو السؤال المحوري الذي يحتاج إلى وقفة مهمة للمناقشة والتقييم والحوار المجتمعي الجاد من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية وفعالة تسمح بمشاركة وطنية ذات تأثير في تحقيق خطة التنمية الكويتية 2035.

Ad

فعلى المستوى الداخلي ولسنوات طويلة كنا في حيرة من أمرنا بخصوص تحقيق خطة التنمية الكويتية، لاسيما مع التخبط الذي شهدته الساحة السياسية بالعديد من أطرافها، فالحكومة أو بمعنى أدق الحكومات المتتالية على الرغم من التسهيلات والإمكانيات التي منحت لها لم تستطع تحقيق شيء في هذه الرؤية التنموية، وعلى الجانب الآخر فإن السلطة التشريعية هي الأخرى لم تقدم البدائل ولم تقدم الجديد مما قد يقنع المواطن الكويتي الذي بات في حيرة من أمره أمام العديد من التغيرات والتحولات الإقليمية التي تجعله يخشي التقدم أو التراجع حتى لا يضر بمصلحة الوطن، فأصبح هو الآخر محلك سر، ويبدو أن التجار وبعض المسؤولين هم الفئة أو الشريحة الوحيدة التي تتقدم إلى الأمام، ولكن في اتجاه مصلحتها الشخصية؛ لا في اتجاه مصلحة الوطن والمواطنين، والشواهد على ذلك خير دليل وبرهان.

وبعد أن فقد العديد منا الأمل في تحقيق هذه الرؤية التنموية للكويت، وبعد أن بدأت غمامة الرتابة واليأس تحوم حول الرؤوس، كان كعهدنا به دائماً قائداً حكيماً قادراً على الإتيان بالجديد وتحريك المياه الراكدة، والتمسك بحلمه الكبير من أجل الكويت وشعبها، وباستثمارات صينية عملاقة يعيد سموه الدور التجاري المحوري للكويت على طرق التجارة العالمية القديمة والحديثة عبر «طريق الحرير» الذي كان وسوف يصل الشرق بالغرب من جديد.

إن زيارات سمو الأمير وتطلعاته هي نقطة تحول تاريخي للكويت، إذا ما تم استثمارها بالشكل الصحيح، وإذا ما بدأنا في التخلي عن ثياب الأنانية والمصالح الذاتية الضيقة، لنفكر جدياً في مصلحة الكويت والأجيال المقبلة من أبنائنا وأحفادنا، وإذا ما عرف كلٌّ منا دوره في هذه الطفرة التنموية للكويت، فالمرحلة القادمة هي مرحلة الأفعال لا الأقوال، مرحلة الاجتهاد والعمل لا مرحلة الشعارات والرهانات والحناجر الرنانة التي تسمع لها ضجيجاً ولا ترى لها طحناً.

وفي النهاية، ولا نهاية، أكرر سؤالي للجميع: هل نكون نحن على قدر الحدث؟! وأرجو من الله عز وجل أن نكون جميعاً على قدر المسؤولية وعلى قدر الحدث، وأدعو الجميع إلى إعلاء مصلحة أبنائنا ووطننا فوق المصالح الشخصية الزائلة، ودمتم في حفظ الله.