‏لعلنا عندما نذكر جملة أو عنوان ‏«اضطهاد ‏الطفولة» يخطر في بالنا ‏الاضطهاد الجسدي واستخدام العنف تجاه الصغار لأسباب أو بدون أسباب، ‏وأيضا يخطر في بالنا ذلك الاضطهاد النفسي العقابي للصغار بغرض التأديب أو الإصلاح، ‏وكلاهما غير محبب أو مرغوب به في التربية الحديثة، لأن العنف يخلق العنف ولا ينتج عنه أي استقامة.

لكن الاضطهاد المقصود في هذا المقال هو ‏استغلال الطفل، ويكون هذا الاستغلال نوعاً من اضطهاده، ومن أكثر الأمثلة انتشارا في مجتمعاتنا والمجتمعات الأخرى أيضا، ‏ملابس الصغيرات‏ والتعري المبالغ فيه لكونهن صغيرات، مع أن كل والدين يجب أن يحرصا كل الحرص على تعويد الطفلة اللباس المناسب، فيختاروا لهن لبساً محتشماً غير مُظهر لأجزاء الجسد بالكامل، ‏فالتعري مكروه للصغيرات لما له من أضرار نفسية، وتأثيره السلبي عليهن مستقبلاً.

Ad

إلى جانب ذلك وفي ظل وجود الكثير من غير الأسوياء في المجتمع، تحدث تجاوزات قد تصل إلى الاعتداءات على هؤلاء الصغيرات من قبل المرضى النفسيين وضعاف النفوس والشاذين المنتشرين في الخارج، مما يعرضهن لأقسى أنواع الاضطهاد الجسدي.

مهما تطورنا وتقدمنا في مجتمعاتنا فهناك مبادئ وقيم دينية تحثنا على الاحتشام منذ الصغر، ‏فما أعظم هذا الدين الذي وضع لنا ضوابط وقيماً نرجع إليها دائما وترسم لنا طريقة حياتنا وحياة أبنائنا، فكم تحزن وتضيق النفس حين ترى فتاة صغيرة مرتدية ملابس شبه عارية، وذلك ليس باختيارها، بل إنه مسؤولية الأم بالدرجة الاولى، التي قد تتساهل فيها بدافع من الجهل أو قلة الثقافة والمعرفة... أبداً لا يكون التعري ارتقاء ومدنية، بل هو استغلال للطفولة واضطهادها بطريقة بشعة خالية من المسؤولية والضمير.

‏أما النوع الآخر من أنواع الاضطهاد للطفولة البريئة المنتشر حالياً فهو استغلال الكثير من المشاهير في مواقع التواصل الاجتماعي لابنائهم الصغار في ترويج منتجات متعددة كملابس وظهور إعلامي كامل بعقود واتفاقيات وربح مادي وفير من وراء هؤلاء الصغار الذين لا يعرفون أو يعون ماذا يفعلون وكيف ستؤثر ‏عليهم هذه الشهرة، حيث لن ينشأ هذا الطفل نشأة طبيعية سليمة مع أقرانه الصغار، بل ستؤثر هذه الشهرة على نفسياتهم وحياتهم منذ الصغر حتى عندما يكبرون ‏لن يشعروا بالحياة الطبيعية، بل سيدفعون ثمن ما كان يفعله به آباؤهم ليكسبوا من ورائهم المال والشهرة، ‏لذا يجب أن يكون القانون صارماً وجدياً ومنفذاً بحق هذه القضية المؤثرة على هؤلاء الصغار الذين يستغلون من قبل أهلهم، لترويج منتجات من أجل الربح المادي، بما يؤثر على نفسياتهم ومستقبلهم وحياتهم القادمة كلها، فعلى الوالدين أن يحميا خصوصية الطفل حتى العمر الذي يستطيع فيه أن يختار ماذا يريد ويعي نتائج أي اختيار.

الموضوع حساس ومؤثر جداً، وأتمنى أن يؤخذ بعين الاعتبار من قبل الجميع، ولاسيما الآباء لدى تعاملهم مع صغارهم، حفظهم الله ورعاهم.