مثل قضية منع عيون الأدب الإنساني العالمي من جانب وزارة الإعلام التي يترأسها وزير اختزل هموم الدولة كلها في "المثقفين"، وجعل قضيته الكبرى "محاربة الكتاب"، ألهتنا عن هموم كبيرة في داخل الوطن وخارجه؛ فقضايا من شاكلة الشهادات المزورة، وأين انتهت وكم عدد الذين تمت إحالتهم للتحقيق، من بين آلاف "الأبطال" الطافين فوق مستنقع الشهادات الوهمية والمزورة، التي يغرق بها المجتمع الكويتي؛ لم نعد نعرف عنها شيئاً، وألهتنا مجزرة الكتاب عن ممارسة بغيضة، مثل ذلك التعميم المهين الذي صدر للجامعات الخاصة بمنع الطلبة والطالبات البدون من الترشح في الانتخابات، بناء على تعليمات "سامية" من إمبراطورية الجهار المركزي لاضطهاد المقيمين بصورة "غير مشروعة".

خارج حدودنا ألهانا دون كيخوته الإعلام عن التفاعل مع قضايا كبرى، مثل حرب اليمن، والتي يحظر التحدث عنها إلا في حدود الأدب السياسي، كما هو مفروض على الحرية، مثلما يفرض مثقف ندوة جلال الدين الرومي ثقافة الخواء بمنع كتب لم يقرأ حرفاً من سطورها هذا الوزير، لا هو ولا جماعته من جزاري وزارة الأوهام.

Ad

وبسبب مجزرة حرية الفكر لم تكترث أو تنتبه القلة الواعية هنا لقرار مخجل من الرئيس ترامب بوقف المساعدات الأميركية عن الأونروا (وكالة غوث اللاجئين)، وهو طلب إسرائيلي قديم؛ لرفع "صفة" لاجئين عن ملايين الفلسطينيين المنكوبين خارج وطنهم، وفي بلدان عربية تستضيفهم.

كل هذا النقاش و"الهشتاغات" الممتدة عن "جنوسايد" (مجزرة وجريمة حرب) الكتب، لن تحرك شعرة واحدة عند فطاحل مجلس الوزراء، ولا القوى المحافظة المنغلقة التي تعمل لها السلطة ألف حساب، باعتبار أنها الأكثرية التي تكمل الشرعية الدستورية الناقصة في الحكم، وستُطوى صفحة الكتاب الممنوع، مثلما طويت صفحات كثيرة من هموم الوطن، كقضايا ملاحقة أبطال الفساد ووضع تصورات وخطط لزمن ما بعد النفط، وتراكم عُجوزات الميزانية العامة، وتدفق آلاف القادمين لسوق العمل، وغيرها من الهموم الكبرى، وتم بحذق وحمق في آن واحد تصوير الموضوع وكأنه مسألة هذا أو ذاك الوزير، مثل وزير الإعلام أو غيره من وزراء الأمس أو اليوم وحتى الغد، ونكاد ننسى في زوبعة الإلهاء الغبي من قام بتنصيب تلك الجماعة المحظوظة في مناصبهم العالية، وكيف تم اختيارهم أو وضع معايير الاختيار لمناصبهم العالية! هل سألنا أنفسنا من هو المسؤول الحقيقي عن هذا السيرك السياسي السمج المفروض علينا متابعته من سنوات طويلة، أم الأولى أن نقول إن الشيوخ أبخص، ودعوا القرعة ترعى؟!