انضمام مصر أخيراً إلى الاتحاد الآسيوي لأدباء الخيال العلمي واختيارك نائباً لرئيسه حدث بصعوبة. حدثنا عن ذلك تفصيلاً؟.

Ad

كنت أحضر مؤتمراً للخيال العلمي في العاصمة الصينية بكين خلال مايو الماضي، حيث دُعيت للمشاركة وإلقاء محاضرتين. هناك ومع تواجد أدباء الخيال العلمي من أنحاء العالم طُرحت فكرة إنشاء «الاتحاد الآسيوي للخيال العلمي (Asian Science Fiction Association)، ولما كانت مصر ينظر إليها كدولة أفريقية فقط، وتدخلت وطلبت إليهم ضَمها كعضو مؤسس لأن شبه جزيرة سيناء أرض مصرية تقع في قارة آسيا، وفعلاً تمّت الموافقة على طلبي ودخلت كعضو مؤسس مع كل من الصين واليابان والهند وكوريا وسنغافورة وماليزيا والفليبين، وجاء اختياري ممثلًا لمصر ونائباً لرئيس الاتحاد.

لماذا اخترت أدب الخيال العلمي للتخصص فيه؟

ثمة أسباب عِدة بعضها شخصي وبعضها عام أو قومي. أما الخاص، فمنذ نعومة أظفاري أعشق كل ما يمتّ إلى أدب الخيال العلمي بصلة من روايات ومسلسلات وأفلام سنيمائية. بدأت ذلك العشق عند وجودي مع والدي الأديب والناقد (الراحل) الدكتور عبدالحميد ابراهيم في لندن في أوائل الثمانينيات، كنت في المرحلة الإعدادية، وكانت سلسلة «حرب النجوم» والخيال العلمي عموماً ثقافة مجتمعية. وعندما عدت إلى مصر أخذني أبي لألتقي مصطفى محمود صاحب «العنكبوت» و«رجل تحت الصفر»، ونهاد شريف صاحب «سكان العالم الثاني». أما الأسباب العامة فكنت أستشعر ومن منطلق وطني قومي أن المجتمعات المتحضرة تتبنى وتحتضن أدب الخيال العلمي، فهو صنف من الأدب من شأنه أن يسرع عملية التنوير المجتمعي، فضلاً عن أنه قاطرة لإلهام العلماء بالمزيد من الأفكار التي يتحقق كثير منها مستقبلاً، ولذا وجب عليّ وعلى جيلي أن يحمل راية التنوير وينشر أدب الخيال العلمي في مجتمعاتنا.

أنت كطبيب بالأساس إلى أي مدى أفادك ذلك في كتابة قصص الخيال العلمي؟

ثقافة الطبيب علمية، وكنت أعشق علوم الفضاء، فلو لم أكن طبيباً لوددت أن أكون رائد فضاء، وقد رزقني الله بأسرة أدبية. أبي ألف نحو 70 مؤلفاً، وأمي لها نحو 20 كتاباً، كذلك شقيقتي، وجميع أفراد الأسرة أعضاء في اتحاد الكتَّاب المصري. وفر لي ذلك بيئة أدبية ثرية مكنتني من اكتساب المعارف والمهارات التي نمت قدرتي على تطويع النصوص العلمية، الجافة بطبعها، وتجميلها وصياغتها في صورة أدبية من قصة قصيرة أو رواية وحتى في سلاسل تبسيط العلوم.

انعكست دراستي الطبية لاحقاً على أعمالي الروائية. في العام 2001 وفي أميركا كتبت رواية «الكوكب العجيب – أول حوار مع فيروس عاقل»، استلهمت فكرتها من فيروس «هربس» الذي يصيب العين، وهو مراوغ جداً، وكان البروفيسور كاوفمان الذي تتلمذت على يديه في الولايات المتحدة يجمع فريقه العلمي أسبوعياً ليناقش ويفكر في محاولة إيجاد علاج لهذا الفيروس، وكان الفريق كلما فكر في طريقة ما تغلب عليها الفيروس، وأبطل فاعليتها.

ما المواصفات الواجب توافرها في من يكتب هذا النوع من الأدب؟

يجب أن يكون أديباً يملك فرشاته وقلمه ليسطر أروع الأعمال الأدبية وبكل صور البلاغة الممكنة، وعالماً لديه الأساس العلمي القوي والفهم العلمي الدقيق. مع هاتين الصفتين عليه أن يملك مشاعر الحب نحو الكتابة في هذا النوع الأدبي، وينعكس ذلك على نمط حياته فتجده يتابع معظم أفلام الخيال العلمي الغربية، ويقرأ أحدث الروايات العربية والغربية في هذا المجال. هذا الحب يمنحه الوقود للاستمرار.

ما أهمية أدب الخيال العلمي في استشراف المستقبل؟

يمنحك هذا الأدب متعة القراءة أو المشاهدة، ويمنحك معلومة علمية بطريقة ضمنية، وأخيراً الاستشراف أو التنبؤ العلمي. استشرف جول فيرن (1828 - 1905) في كتابه «رحلة إلى القمر» تفاصيل رحلات «أبوللو» إلى هذا الكوكب لاحقاً، كذلك فكرة أطفال الأنابيب والإنسان الآلي وغيرهما. أما في أعمالي فكان في رواية «ملحمة الفضاء الكبرى» استشراف علمي، وفي «جهاز المسح الذري المنفرد» الذي يفحص كل خلية في الجسم ويُحدِّد ما فيها من أعطال وأمراض، وهو جهاز أتصور توافره مستقبلاً مع التطور المتسارع للعلوم الطبية.

كم يقدر عدد من يكتبون هذا الأدب في مصر؟

نحو 10 كُتَّاب فقط ومثلهم من النقاد، ويرجع السبب إلى صعوبة أن تجتمع السمات الثلاثة في أديب واحد (الأساس العلمي القوي، والموهبة الأدبية، وحب هذا النوع الأدبي)، أضف إلى ذلك أن مجتمعنا وإعلامنا وحكوماتنا لا تعير هذا النوع من الأدب اهتماماً.

ماذا في جعبتك خلال الفترة المقبلة؟

بالإضافة إلى عقد صالون الخيال العلمي شهرياً، وسلسلة «شمس الغد» التي تصدرها «الجمعية المصرية للخيال العلمي» التي أسستها، أعد لتأسيس «الاتحاد العربي الإسلامي للخيال العلمي»، بمشاركة نخبة من أدباء الخيال العلمي في العالم العربي والإسلامي، ولكتاب باللغة الإنكليزية بمساعدة صديقي الدكتور عماد الدين عيشة بعنوان «أدب الخيال العلمي في العالم العربي والإسلامي».

أهم إصداراته

ثلاث روايات في أدب الخيال العلمي: «ملحمة الفضاء الكبرى – قصة أنصاف البشر»، و«الكوكب العجيب – أول حوار مع فيروس عاقل»، و«أميركا 2030». ومجموعة من قصص الخيال العلمي، مثل «أشباح الفيسبوك»، و«العوالم المتوازية»، و«سما وعطارد»، و«غيبوية». كذلك كتب في تبسيط العلوم مقالات مثل «الفجوات السوداء»، و«الكواركات آلة الزمن»، وأخيراً موسوعة طب وجراحة العيون باللغة العربية (تبسيط علوم)، صدرت منها ثلاثة أجزاء «المياه البيضاء»، و«المياه الزرقاء»، و«الليزك وقصر النظر». وينتظر أن تصل إلى 12 جزءاً.