تخللت تكريم إيليا أبوماضي في بلدته اللبنانية بكفيا إضاءات على شخصية الشاعر الراحل الفكرية والشعرية، شارك فيها كل من الدكتور لطيف زيتوني، والكاتب والإعلامي ميشال معيكي، والكاتب والناشر سليمان بختي.

أوضح د. زيتوني أن ​«أبو ماضي تناول في قصصه الشعرية موضوعات سياسية. ويكفي أن نقرأ له قصيدة ​«الشاعر والأمة» أو قصيدة ​«الشاعر والملك الجائر»، لنكتشف كيف ينتصر فيها للضعيف والمظلوم في وجه الظالم والطامع. وفي قصصه الشعرية كلها تقريباً يلجأ أبو ماضي إلى الخاتمة المفاجئة وأحياناً الصادمة، التي تفتح وعي القارئ على الواقع الحي، وعلى الحياة العامة والشخصية، فيقارن ويستنتج ويتعلم».

Ad

أضاف: ​«نظر النقاد في القرن العشرين إلى القصة الشعرية على أنها وسيلة هروب من العالم أو تعبير عن موقف فردي يائس من الاتجاه الذي يسلكه تطور المجتمع»، مشيراً إلى أن أبو ماضي عبَّر عن ​«الروح الإيجابية في كثير من قصائده، وجعلها ضميراً ينبه القارئ إلى وجوب تجاوز الذات الفردية نحو الذات الإنسانية من خلال مشاركته في حماية مستقبل الإنسان على امتداد الأرض، وما تركيز أبو ماضي على القيم إلا للتعبير عن التزامه كشاعر قاص بالروح البناءة المتفائلة كوسيلة لمواجهة تحديات الحاضر وصعوباته ومآسيه».

تجربة إبداعية

اعتبر ميشال معيكي في كلمته أن ​«إيليا أبو ماضي، المجهول لدى جيل الشباب عموماً، له علينا الكثير، تعريفاً بأدبه، شعراً ونثراً ومقالات فكرية، سياسية، ونضالية مبعثرة في الولايات المتحدة، نشرت على صفحات ​«السمير» تنتظر جمعاً ونشراً، إضافة إلى سعي إلى إطلاق اسمه على أحد شوارع العاصمة بيروت، وإلى إصدار طابع بريدي تذكاري له، وإلى إقامة الأمسيات والندوات وتشجيع طلاب الآداب في الجامعات لتقديم أطروحات حول أدب هذا الرجل».

أضاف: ​«في الذاكرة، إيليا أبو ماضي، واحد من كبارنا من زمن الكبر والإبداعات، عبر حواجز الجغرافيات، أمانة لأجيال تأتي لمجد لبنان».

أما سليمان بختي فقال: ​«إننا، ونحن في تحية أبو ماضي، إزاء تجربة إنسانية إبداعية في الصحافة والشعر، وهذا ما يفسر تصالحه مع نفسه ومع القارئ».

أضاف: ​«لم ينس أبداً حبه للبنان ولهذه المنطقة وأزهارها وسفوحها وروابيها وقد ملأت قلبه بالدفء والنور... لبنان عنده قطعة من الوجود تساوي الوجود كظله. صلاة ترفعها الأرض إلى السماء بل هو سماء».

ورأى ​«أن تكريم الأديب بنشر أعماله وآثاره، وأن مئات المقالات في صحافة المهجر تدعونا إلى أن نحررها من الظلمة إلى ضوء الحب والحياة والنور، إلى ضوء الحق والخير والجمال، إلى الأمل الذي أعياه ولم يجد ظلاً يستظله سواه».

ثم كانت قراءات شعرية من شعر أبو ماضي ألقاها جهاد الأندري وإيفون الهاشم، وقصائد مغناة للشاعر الراحل مع الفنانة جاهدة وهبة، فعرض شرائط سينمائية لقصائد غناها كبار المطربين من بينهم: عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، ونجاة الصغيرة...

قامة أدبية

في المناسبة ألقى ممثل الرئيس أمين الجميل أنطوان صليبا، كلمة مما جاء فيها: «أن نتحلق الليلة حول قيمة إيليا أبو ماضي، هو تكريم للبنان، القيم الفكرية، ولكل القامات الأدبية التي أضافت إلى لبنان أمجاداً يستحقها، وجعلت منه وطناً حاملاً مفاهيم وطروحات نهضوية في لبنان والمحيط العربي وفي العالم».

أضاف: «هل نسينا أسماء كبار من لبنان انتشروا في الدنيا وارتقوا إلى العالمية، أدباً وفكراً وعلوماً. كان أبو ماضي رفيق أنطون الجميل وأمين تقي الدين في مجلة «الزهور» في مصر، وشريك جبران ونعيمة في تأسيس «الرابطة القلمية» في الولايات المتحدة. إيليا أبو ماضي واحد من هؤلاء المبدعين، يفرحنا ويغنينا أن نكرمه ونستعيد شيئاً من قصائده وآرائه في فلسفة الحياة. أو ليس هو القائل: «ليس الكفيف الذي أمسى بلا بصر، إني أرى من ذوي الأبصار عمياناً».

الرابطة القلمية

أحد أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين. ولد عام 1891 ونشأ في عائلة بسيطة الحال، وعندما اشتد به الفقر، رحل إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة مع عمه، وهناك التقى أنطون الجميل، الذي أنشأ مع أمين تقي الدين مجلة ​«الزهور» فأُعجب بذكائه وعصاميته ودعاه إلى الكتابة في المجلة، فنشر أولى قصائده فيها، وتوالى نشر أعماله، إلى أن جمع بواكير شعره في ديوان ​«تذكار الماضي» (1911).

نظم الشعر في قضايا وطنية وسياسية، فلم يسلم من مطاردة السلطات، فاضطر إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة عام 1912 وهناك شارك في تأسيس الرابطة القلمية مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة، وأصدر مجلة «السمير» عام 1929، فاستمرت في الصدور حتى وفاته عام 1957.

تفرّغ إيليا أبو ماضي للأدب والصحافة، وغلب الاتجاه الإنساني على سائر أشعاره، ولا سيما الشعر الذي قاله في ظل الرابطة القلمية وتأثر فيه بمدرسة جبران. أهم دواوينه: ​«تذكار الماضي، وتبر وتراب، والجداول، والخمائل، والحياة الشخصية»...