أجبر انهيار سعر صرف التومان الإيراني، وما ألحقه من تردٍّ في الأوضاع المعيشية نتيجة العقوبات الأميركية الاقتصادية على طهران، آلاف الأفغان، الذين نزحوا من بلادهم المضطربة واستقروا في إيران المجاورة، على الدخول في موجة هجرة عكسية باتجاه أفغانستان، وهو ما تنظر إليه كابول بريبة، إذ تخشى أن يدس «الحرس الثوري» خلايا نائمة يمكن أن توظفها طهران لمد نفوذها ومحاربة واشنطن على أراضيها.

وزادت الهجرة العكسية جروح قطاعي البناء والزراعة في إيران، وسط تنامي حالة من الكساد والركود، وأصبحا مهددين بالانهيار مع خسارتهما اليد العاملة الأفغانية الرخيصة وعدم وجود بديل محلي.

Ad

وقال مصدر دبلوماسي بالسفارة الأفغانية في طهران، لـ«الجريدة»، إن أجرة العامل الأفغاني في المتوسط تعادل مئة ألف تومان يومياً، ما كان يعادل 30 دولاراً أميركياً منذ 4 أشهر، وكان باستطاعة العامل أن يحتفظ بنصف كسبه ويرسله إلى أفغانستان، لكن المبلغ تآكل مع انهيار العملة الإيرانية وبات يعادل 10 دولارات فقط.

وأوضح المصدر أن ارتفاع سعر السلع الأساسية والإيجارات، الذي صاحب تدني التومان وعدم تغيير أجرة العمال، أفقد العمال الأفغان القدرة على تغطية تكلفة معيشتهم في إيران، مما دفع العديد منهم للعودة إلى أفغانستان، ومحاولة البحث عن فرصة للسفر لبلدان أخرى مثل دول الخليج العربية وتركيا أو روسيا بحثاً عن لقمة العيش.

وذكر أن بلاده تنظر للهجرة العكسية بـ«عين الريبة»، إذ ستزيد مشكلة البطالة المتفاقمة بأفغانستان، مما قد يدفع البعض للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية والمتمردة مثل «القاعدة» و«طالبان» و«داعش»، التي تتنافس على ضم الشباب العاطلين إلى صفوفها.

وأشار إلى أن قلق بلاده لا يقف عند هذا الحد، بل يتضمن تشككها في أن تلجأ أجهزة الاستخبارات الإيرانية إلى تحضير وتجنيد «خلايا نائمة» من الأفغان العائدين كي يقوموا بعمليات ضد القوات الأميركية الموجودة في أفغانستان، إذا ما نشبت حرب بين طهران والولايات المتحدة، وسط تصاعد التوتر والتهديدات بينهما بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي وفرضه للعقوبات على إيران.

وأكد المصدر أن الحكومة الأفغانية تخشى إمكانية احتلال مثل تلك الخلايا مناطق حدودية تؤمن الكهرباء والمياه لكابول، لمصلحة جارتها في ظل الخلافات بينهما على مياه نهر هيلمند.

وبيّن أن كابول حصلت على معلومات بأن «الحرس الثوري» الإيراني تولى تدريب عدد من الأفغان على مهاجمة مقاولين أميركيين في مناطق حيوية، وتفجير بعض السدود التي بنوها على «هيلمند».