خلافاً لكل التوقعات، وسّع لقاء مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون نظيره الروسي نيكولا باتروشيف في جنيف، الخميس الماضي، التباين في وجهات النظر إلى درجة دفعت الروس إلى الإصرار على بقاء الميليشيات الإيرانية في سورية، لحاجتهم الماسة إلى حليف قوي على الأرض، بحسب مصادر مطلعة في قيادة الحرس الثوري.

وفي تأكيدٍ للخلاف الشديد، وجّه بولتون، الذي استفز الروس بحضوره عرضاً عسكرياً للجيش الأوكراني، تحذيراً جديداً لباتروشيف بأنه سيتم توجيه ضربة ماحقة لنظام الرئيس بشار الأسد إذا استخدم السلاح الكيماوي مجدداً.

Ad

ونقلت وكالة «بولمبيرغ» عن مصادر عدة، أن واشنطن لديها معلومات عن احتمال استخدام النظام الكيماوي خلال محاولته تحرير أراض مازالت المعارضة تتحكم فيها، ولذلك فإنها مستعدة «للرد بعمليات عسكرية أكثر قوة» من التي وجهتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في أبريل الماضي رداً على استخدام الكيماوي في دوما بغوطة دمشق الشرقية.

وأخرج المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف ونائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف الخلاف مع الولايات المتحدة إلى العلن، بتحذيرهما من خطة غربية تقودها الإدارة الأميركية لضرب سورية، بذريعة استخدام الكيماوي في إدلب.

وأشار كوناشينكوف إلى أن هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) أرسلت «ثماني حاويات كلور» مع مجموعة مدربة على التعامل مع المواد السامة تحت إشراف قوات بريطانية خاصة إلى بلدة جسر الشغور، بهدف «تمثيل» الهجوم، مبيناً أن الحاويات نُقلت لاحقاً إلى قرية على بعد ثمانية كيلومترات من المنطقة تمهيداً «لمحاكاة عملية إنقاذ الضحايا تقوم بها مجموعة ترتدي زي الخوذ البيضاء الشهيرة».

وأوضح أن واشنطن أرسلت منذ عدة أيام المدمرة «يو أس أس سوليفان» إلى الخليج حاملة 56 صاروخاً مجنحاً، ونشرت أيضاً قاذفات استراتيجية من طراز «بي إي بي» تحمل 24 صاروخاً مجنحاً في قاعدة العديد بقطر، بهدف توجيه ضربة صاروخية إلى دمشق.

في السياق، كشف مصدر رفيع المستوى في الحرس الثوري، لـ«الجريدة»، أن إيران استطاعت إقناع الروس بضرورة بقاء «حزب الله» في سورية لدعم نظام الأسد حتى ما بعد تحرير جميع الأراضي.

ووفق المصدر، وهو مستشار لقائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، فإن العسكريين الروس طمأنوا الإيرانيين، خلال جلسة خاصة عقدت أمس الأول في دمشق، بأنهم لم يوافقوا على خروجهم أيضاً من سورية في أي اجتماع كان، موضحاً أن الحكومة السورية ستطلب رسمياً بقاء إيران وحلفائها، وتقدم شكوى إلى الأمم المتحدة لتطالب بخروج القوات الأميركية والأوروبية واعتبارها قوات احتلال.

وقال إن الاجتماع شهد الاتفاق على ضم الجماعات السورية الموالية لإيران بقرار رئاسي إلى الجيش السوري والأجهزة الأمنية مستقبلاً، وبقاء «حزب الله»، أما القوات غير السورية واللبنانية فإن القرار بشأنها سيعود لإيران، لتحدد ما إذا كانت ستحتاج إليها في سورية أو في مكان آخر.

وأفاد بأن الإيرانيين والروس والأتراك عقدوا اتفاقيات عسكرية جديدة للقيام بعملية عسكرية كبيرة في إدلب، وتم الاتفاق على الإبقاء على المسلحين الموالين لتركيا فقط في هذه المنطقة على ألا يقوموا بمواجهة النظام وحلفائه خلال العملية، وفي المقابل ستصدر دمشق عفواً عاماً عنهم، وستعقد اتفاقية سياسية معهم، لتسليم السلاح سلمياً.