تكاد قلوبنا تنفطر على شباب مثقفين ونشيطين اجتماعياً عندما نراهم يقعون بين أيدي صحبة السوء من المدمنين للسجائر الملغومة أو المخدرات المكشوفة! ومن وراء «الكاونتر» في أي صيدلية يدخل شاب يائس ضعيف منهك وأصابع يديه تستجير من رائحة اللفافات العنيدة بين أصابعه، والتي أصبحت الصديق الوحيد بعد أن فقد عمله، بسبب تعاطيه أنواعاً من السجائر على حد قوله من بعض الأشخاص معه في العمل والسكن أو أيا كان، فقد أدمن!

خوفي على هذا النوع من الشباب زادني إصراراً على إعادة التوعية والتنبيه لما في الأسواق المحلية من لفافات سامة، ودراستها جدياً لحماية أولادنا، ومن ثَمّ إصدار تعميم قانوني بعدم بيعها لمن تحت 18 عاماً من العمر!

Ad

إن السجائر والسيجار والغليون والشيشة والتبغ الرطب أو الناشف كلها تحتوي على نيكوتين كمادة أساسية موجودة في أوراق التبغ الخام، وقد عرف النيكوتين بأنه مادة منبهة أقوى من الهيرويين المخدر، وهي مادة رئيسة تزيد سرعة الأوامر والإشارات المتبادلة بين الدماغ والجسم، وعند تعرض لفافة التبغ للحرارة أو الحرق ينتج عنها مواد سامة كالقطران وأول أكسيد الكربون، وأول من استعملها هم الجنود الأميركيون أيام الحرب العالمية الأولى.

ولكن من لم يدمن على مادة النيكوتين فإنها ستؤدي إلى الدوخة والشعور بالارتجاع والقلق والعصبية وارتفاع في دقات القلب فيبتعد عنها، وهي كأعراض الانقطاع عن أي مادة مخدرة، فيعود إليها من جديد ليتخلص من الأعراض، فيجد نفسه قد تعلق بها وأدمنها، كمن يدخل دائرة لا مخرج منها إلا على موته!

علماً أن إحدى المنظمات البريطانية المعنية بذلك وجدت في أبحاثها أن النيكوتين قد يساعد في علاج نوبات الشلل الرعاشي «باركنسون»، وتنازلت عن البحث لما ووجدت بالمقارنة أنها ستؤدي إلى وفاة الغالبية بالمقارنة مع مدمني التدخين، وذلك لسهولة وصوله إلى نسيج الرئة فتتلفه!

ففي حين أن السيجار ولصاقات أو لبان النيكوتين كلها أقل سُمية، نظراً لصعوبة امتصاصها عن طريق الفم أو الجلد، لكنها بدرجة الإدمان نفسها على النيكوتين! ولا أؤمن بسلامة الشيشة أو «المعسل» أو السيجارة الإلكترونية والسجاير المنكهة بالنعناع وغيره، لما فيها من أصباغ ومواد منكهة سامة.

ولنعد للسيجارة الحمقاء أياً كانت ماركتها، ولفافات التبغ الناشف هذه، وما تحمله من قنابل نووية تذهب مباشرة للدم فتتلفه! فالدخان المنبعث من هذه السيجارة يحتوي على آلاف المواد الكيميائية، وقد تعرفت الأبحاث على 70 مادة مسرطنة منها، كالرصاص وسيانيد الهيدروجين والفورمالدهايد والأرسنيد وأكسيد الكربون والأمونيا والنتروزامين، والتي أغلبها تأتي من المبيدات الحشرية والمنشطة أثناء زراعة التبغ، وكلها مواد خطيرة على المدخن ومن يجلس معه وملوثة للبيئة والمنزل مع الأطفال، وهي ملغمة بالسموم!

* باحثة سموم ومعالجة بالتغذية