قد لا يأتي التحدي الجديد أمام صناعة النفط النرويجية من انهيار آخر في أسعار النفط، بل من شكوك سياسية تتعلق بالمناطق الجديدة، التي يتعين على هذا البلد المنتج الأكبر للنفط والغاز في أوروبا الغربية أن يسمح فيها لأعمال الحفر بغية احتواء الهبوط المتوقع في الإنتاج بعد حقبة منتصف الـ 2020.

ولدى النرويج حظر مؤقت على الأنشطة البترولية قبالة أرخبيل لوفوتن وجزيرتي فستيرالن وسنجا. وعلى أي حال فإن أكبر حزبين– المحافظون والعمال – كانا يحبذان إجراء دراسة حول التأثير البيئي في تلك المناطق فيما سيمثل أول خطوة نحو دراسة استكشافات ممكنة للنفط والغاز هناك.

Ad

وطوال سنوات توصل الحزبان إلى تسوية مع شركائهما الأصغر الذين يعارضون بشدة عمليات الحفر قبالة لوفوتن ضمن ائتلافات حكومية متعددة بغية إبقاء تلك المنطقة خارج حدود الصناعة البترولية.

وعلى الرغم من ذلك، ظهرت في الأشهر القليلة الماضية إشارات على أن فروعاً من حزب العمال المعارض، الذي يقيم علاقات صداقة مع صناعة النفط تعارض الآن إجراء دراسة تأثير بيئي في منطقة الجزيرة الرائعة في المنطقة القطبية الشمالية في النرويج.

وأبلغ وزير البترول والطاقة النرويجي تيرجه سوفيكنس وكالة "بلومبيرغ" في مقابلة أجرتها معه الأسبوع الماضي، بأن حزب العمال إذا أذعن لضغوط أنصار حماية البيئة وطالب بحظر دائم خارج حدود جزر لوفوتن قد يبدأ أنصار حماية البيئة بالمطالبة بحظر في بحر بارنتس.

وأضاف: "إذا فاز أنصار البيئة بهذا الهدف، فإن التركيز سوف يتحرك بسرعة نحو بحر بارنتس"، مستطرداً: "إذا تعثر حزب العمال في هذه القضية قد يبعث برسالة مختلطة أيضاً إلى صناعة النفط بتقويض صورة النرويج كدولة ذات سياسة نفطية مستقرة ويمكن التنبؤ بها".

وذكر سوفيكنس، وهو عضو في حزب التقدم الذي يحكم ائتلافاً بقيادة حزب المحافظين ويتكون أيضاً من الحزب الليبرالي الشريك الأصغر، أن ذلك "سوف يهز ماكان ربما أكثر ميزة تنافسية مهمة بالنسبة إلى الصناعة النفطية في النرويج، وهي أن لدينا ظروف إطار عمل مستقرة بغض النظر عن التغيرات السياسية".

وجاءت مشاركة الحزب الليبرالي في الائتلاف بثمن بالنسبة إلى الأحزاب التي تريد البدء بدراسة تأثير في لوفوتن – وطالب الليبراليون بأن تظل تلك المنطقة خارج حدود النظر في الاستكشاف.

البرنامج السياسي للحكومة

تعهدت الحكومة الائتلافية في برنامجها السياسي، الذي وقعته في شهر يناير الماضي، "بعدم السماح بأنشطة بترولية أو التحقيق في تأثير مثل تلك الأنشطة في المناطق البحرية خارج لوفوتن وفستيرالن وسنجا من 2017 إلى 2021.

وأبلغ المتحدث بإسم حزب العمال حول سياسة الطاقة اسبن بارث ايد وكالة "بلومبيرغ"، رداً على تعليقات الوزير أن الحزب لا يزال يؤيد بقوة عمليات الاستكشاف في بحر بارنتس.

وبحسب تقديرات مديرية البترول النرويجية، فإن مناطق لوفوتن وفستيرالن وسنجا يمكن أن تحتوي على ما يعادل 1.3 مليار برميل من النفط والغاز.

وفي حين أبقت النرويج هذه المنطقة خارج الحدود حتى الآن – وحتى عام 2021 على الأقل كما وعدت الحكومة الحالية – فإن النرويج تراهن على توسيع عمليات الاستكشاف في بحر بارنتس حيث يوجد معظم النفط الذي لم يكتشف بعد.

وتقول مديرية البترول في النرويج: لا يزال هناك الكثير من النفط الذي يتعين اكتشافه في الافريز القاري النرويجي، وبحسب تقديراتها فإن الموارد غير المكتشفة تعادل حوالي 40 من حقول جوهان كاستبرغ التي توجد في بحر بارنتس، ويقدر أنها تحتوي على موارد تراوح بين 450 – 650 مليون برميل من النفط، بحسب شركة اكوينور العاملة هناك.

والحقل الآخر الذي تقوم اكوينور بتطويره وهو حقل جوهان سفيردرب في بحر الشمال سوف يبدأ الانتاج في أواخر سنة 2019 وسوف يكون المساهم الرئيسي في إنتاج النرويج المتزايد من النفط حتى عام 2023.

لكن اعتباراً من منتصف العشرينيات فصاعداً سوف يبدأ إنتاج النرويج الأوفشور بالهبوط، وقال تورغير ستوردال وهو مدير الاستكشاف في مديرية البترول النرويجية في تقرير المديرية عن الموارد والاستكشاف في 2018 الذي صدر في شهر يونيو الماضي، "ولذلك فإن تحقيق اكتشافات كبيرة وسريعة ضرورية من أجل الحفاظ على الإنتاج عند المستويات ذاتها من منتصف العشرينيات".

الاستكشاف والتطوير

وفي شهر يوليو الماضي، قالت مديرية البترول النرويجية، إن أنشطة الاستكشاف والتطوير الحالية عالية، وقد تعافت من الهبوط في أسعار النفط، لكنها حذرت من أن النرويج سوف تكون في حاجة الى اكتشافات كبيرة إضافية.

وقال ستوردال، "إذا كان للإنتاج أن يستمر عند مستويات عالية، يتعين القيام باستكشافات أكبر من متوسط السنوات العشر الماضية، كما أن إمكانية تحقيق اكتشافات كبيرة أعلى في المناطق التي لم تسبر بكثرة".

وفيما تقوم الصناعة بالاستكشاف في المناطق التي تصرح بها النرويج في بحر بارنتس، فإن أرخبيل لوفوتن قد يخلو بصورة دائمة من منصات الحفر.

وفي عام 2021 يحتمل أن تكون معارضة أنصار البيئة وتقدم الطاقة المتجددة وسعر النفط مختلف تماماً عما هو الآن، لكن أكبر الأحزاب النرويجية قد تضطر مع ذلك إلى التعويل على دعم ائتلاف الأحزاب الأصغر التي تريد عدم تعرض منطقة لوفوتن لتلوث عمليات الحفر النفطي.

● تسفيتانا باراسكوفا