شهد قطاع شقق التمليك تداولات ملحوظة منذ بداية العام، حتى منتصف الشهر الجاري، إذ بلغ إجمالي تداولات هذا القطاع 35.2 مليون دينار، مقارنة بتداولات بلغت 33 مليونا خلال الفترة المذكورة من عام 2017، بنمو 6 في المئة.

ووفق الإحصائية التي أعدتها "الجريدة"، فقد استحوذت تداولات شقق التمليك على نحو 1.7 في المئة من إجمالي تداولات القطاع العقاري بالكامل، والبالغة قيمتها 1.8 مليار دينار تقريبا.

Ad

وتعتبر قيمة تداولات قطاع شقق التمليك منخفضة جدا لو تمت مقارنتها بالقطاعات العقارية المحلية الأخرى، وأيضا إذا قورنت بالتداولات التي تتم بالأسواق الخليجية، إذ تشكل تداولات الشقق بالأسواق الخليجية نسبة كبيرة من إجمالي تداولات القطاع العقاري، لاسيما أن شقق التمليك لها أهمية كبيرة، فهي تعد من القطاعات التي تدر عوائد مادية جيدة، وخاصة لشريحة صغار رؤوس الأموال.

ويلجأ العديد من أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة إلى التملك والاستثمار في الشقق، إذ إن الأسعار تعد مناسبة لرؤوس أموالهم، كما أن الاستثمار في الشقق يعتبر أقل خطورة من الاستثمار بالعقارات الكبيرة، أو الاستثمار في أسواق المال.

انخفاض الإقبال

وينخفض إقبال المستثمرين المحليين والمواطنين على قطاع شقق التمليك، بفعل العديد من العوامل، منها عدم وجود أو فاعلية قوانين تعمل على حفظ حقوق مالكي الشقق، وأبرزها قانون اتحاد الملاك، الذي يهدف إلى المحافظة على حقوق الملاك، وأيضا المحافظة على العقار وصيانته، من خلال الرسوم التي يدفعها الأعضاء.

ويعتبر قانون اتحاد الملاك في الكويت غير ملزم، لكن العديد من الجهات تطالب بإصدار قرارات بإلزام جميع ملاك الشقق في العقارات بالتعامل مع هذا القانون، ووضع آلية معينة لتطبيقه على أرض الواقع، أسوة بباقي دول العالم.

ويربط معظم المختصين في الشأن العقاري نجاح فكرة شقق التمليك للسكن أو للاستثمار بوجود اتحاد ملاك العقار فعال، مؤكدين أن جميع التجارب الدولية لهذا النظام أثبتت نجاحه، لما له من تأثير إيجابي واضح على العقار من حيث الصيانة والخدمات والمشاكل الأخرى التي قد تواجه قاطني الشقق.

ارتفاع الأسعار

ومن بين العوامل التي أدت إلى عزوف المواطنين على تملك الشقق، ارتفاع أسعارها، بسبب بعض القرارات الحكومية، حيث خصصت الحكومة في وقت سابق 70 ألف دينار لدعم المطلقات والأرامل لشراء الشقق، كما قلص بنك الائتمان المساحة المطلوبة للحصول على القرض المذكور من 200 إلى 100 متر مربع.

وأدت تلك القرارات إلى ارتفاع أسعار الشقق السكنية بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية، حيث وصل سعر المتر في المناطق غير المرغوبة إلى 800 دينار، لكن الركود الذي مرَّ به القطاع العقاري أدى إلى انخفاض الأسعار بصورة كبيرة مقارنة بالسنوات الماضية.

كذلك أدت تلك القرارات إلى وجود فجوة كبيرة بين أسعار الشقق ذات المساحات الصغيرة والكبيرة، إذ إن سعر المتر في الشقق التي تكون مساحتها 100 متر مربع وأكثر يكون سعر المتر فيها أعلى من الشقق التي تكون مساحتها دون 100 متر، لأن بنك الائتمان لا يمنح القروض للمطلقات والأرامل الراغبات بتملك شقة أقل من 100 متر مربع.

المناطق الاستثمارية

وقد تأثرت العديد من المناطق الاستثمارية بالتسهيلات التمويلية التي تقدمها الحكومة والبنوك المحلية للمستثمرين، حيث قفزت الأسعار بنسب وصلت إلى 30 في المئة خلال سنة واحدة فقط، إذ كان هناك توجه كبير من المستثمرين على الاستثمار في الشقق، لأسباب عديدة، منها انعدام الفرص الاستثمارية، وارتفاع أسعار العقارات الأخرى.

وبالعودة إلى الإحصائية، فقد بلغ سعر أرخص شقة تم بيعها منذ بداية العام الحالي 29 ألف دينار، مساحتها 47.1 مترا مربعا في المهبولة، أي أن سعر المتر 617 دينارا تقريبا، فيما تم بيع أغلى شقة دوبليكس في التوسعة الشمالية بالفنطاس، بـ185 ألفا، وبمساحة 207.4 أمتار مربعة، أي أن سعر المتر بلغ 893 دينارا تقريبا.

وتمركزت أكثر الصفقات في منطقتي الفنطاس وصباح السالم، وتعد منطقة الشعب الأعلى سعرا، إذ يتجاوز سعر المتر في بعض الشقق 1200 دينار، فيما يتراوح سعر المتر في حولي والسالمية والجابرية وبنيد القار وخيطان بين 600 و900 دينار.

السكن العمودي

من جهتهم، قال عدد من العقاريين إن قطاع شقق التمليك يفتقد العديد من المزايا التي تجذب المستثمر أو المواطن، وإن ارتفاع تداولات القطاع يأتي بسبب عدم وجود فرص استثمارية.

وأشار العقاريون إلى أن هناك توجها لدى الدولة لتعزيز فكرة البناء والسكن العمودي، لهذا يصبح لزاما عليها تعديل القانون الخاص باتحاد الملاك وبعض القوانين التي تعمل على حماية مالكي الشقق.

وأفادوا بأن شقق التمليك لا تعد فقط نظاما استثماريا ناجحا، بل هي حل لجزء كبير من الأزمة التي تعانيها الدولة، لكن لن يجد هذا النظام الإقبال من المواطنين، في ظل عدم وجود قوانين تحمي حقوقهم كمالكين لتلك الشقق.

وبينوا أن هناك العديد من أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة هجروا السوق المحلي، بحثا عن فرص استثمارية، إذ قامت النسبة الأكبر من المستثمرين بتملك الشقق في الدول التي عملت على جذبهم.

وذكر العقاريون أن السماح للوافدين بتملك الشقق خطوة لابد للدولة أن تتخذها، ما يعود بالنفع على القطاع العقاري بشكل عام، وستنعكس إيجابياته على الشركات المطورة وعلى قطاع البنوك، إذ يجب أن تكون هناك منظومة متكاملة تعمل على إعداد الدراسات والرؤى المستقبلية، وخاصة أن عدد سكان الكويت تجاوز 4.5 ملايين نسمة، والتوقعات تشير إلى ارتفاع هذا العدد خلال السنوات القليلة المقبلة.