‎سخّرت أجهزة الإعلام العراقية الأغنية كأحد أهم الأسلحة الداعية للإشادة بإنجازات صدام حسين، وكيف أنه "يزور الشعب بيت... بيت"، وأن أصحاب هذه البيوت يرحبون به قائلين: "هلا بيك هلا... وبجيتك هلا".

‎حتى غدا شعب العراق يردد أغاني عن صدام حسين أكثر مما يردد أغنيات تعبر عن شؤونه العاطفية!

Ad

***

‎• وقد جُنّد جميع المطربين والشعراء والملحنين للعمل كورشة عمل يومية، تبتكر ما تأمر به وزارة الإعلام، لتتفنن في تمجيد القائد الضرورة! باستثناء المطرب فؤاد سالم، الذي كان يرفض الانضمام إلى جوقة المطربين المطبلين لصدام، رغم المحاولات التي كان يبذلها وزير الإعلام جاسم نصيّف.

‎• كان المطرب فؤاد سالم منضماً إلى الحزب الشيوعي، فاستخدمت معه وسائل الترغيب، ولكنه لم يبع مبدأه، فلجأوا إلى وسائل الترهيب؛ فتعرض للاعتقال والتعذيب، ولكنه لم يستسلم، فلما أُطلق سراحه كانوا يحققون معه بين حين وآخر، ويواجهونه بمعلومات عن حياته وعن نشاطاته الحزبية، وهذه المعلومات تكاد تكون شبه سرية، ولكنهم كانوا يواجهونه بها للتأثير عليه، مما دفعه إلى الهرب من وطنه.

‎ومن خارج العراق، صار فؤاد سالم يغني أغاني تحريضية ضد النظام، ويدعو إلى ثورة الشعب العراقي على الديكتاتورية والفاشية والحكم الفردي.

‎• وفي دمشق، كان فؤاد سالم مدعواً على عشاء في بيت مظفر النواب، حيث التقى بأحد المنشقين على النظام العراقي، وكان من أجهزة الاستخبارات العراقية، فسلَّم إلى فؤاد ملفاً يحتوي على تقارير سرية عن كل تحركاته داخل العراق، والبعض منها وهو في دول الخليج، عندما أقام فيها فترة قبل أن يتم إبعاده لأسباب لا يعرفها.

‎• والذي أدهش فؤاد سالم ليس دقة المعلومات وما احتوت عليه من أسرار يصعب الوصول إليها عن نشاطاته وعن حياته، ولكن الذي أثار دهشته وأفقده صوابه: أن كل التقارير قد كُتبت بخط يد زوجته وأم أولاده، بعد زواج دام 12 سنة، وتم بعد قصة حب عنيفة!

‎منذ تلك اللحظة تعرض المطرب فؤاد سالم لنكسات صحية متتالية عجّلت بوفاته.