قد يكون الخفض التدريجي لليوان الصيني من بين الأوراق المطروحة في محاولة بكين لمواجهة الحرب التجارية مع واشنطن، ولكن المحللين ينقسمون حول أثر العملة الأضعف على صادرات الصين والاقتصاد الأوسع.

وكان اليوان قد فقد 7 في المئة من قيمته مقابل الدولار خلال الأشهر الأربعة الماضية، نتيجة تصاعد التوترات التجارية، كما اشتكى الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الشهر الماضي من "تلاعب" الصين بعملتها، وهو اتهام نفته بكين. وبعيداً عن عوامل اخرى، فإن اليوان الأرخص يمكن أن يحسن الصادرات، لأنه سيجعل أسعارالمنتجات الصينية أكثر تنافسية.

Ad

وقال اوليفر بلانشارد، وهو اقتصادي رفيع سابق لدى صندوق النقد الدولي في تغريدة في الأسبوع الماضي، إن خفض 7 في المئة من قيمة اليوان قد يكون كافياً لتعويض الصين عن أثر قرار ترامب فرض تعرفات بنسبة 25 في المئة على ما قيمته 50 مليار دولار من واردات الولايات المتحدة من الصين، اضافة الى رسوم بنسبة 10 في المئة على منتجات اخرى بقيمة 200 مليار دولار.

ولكن الوضع في حقيقة الأمر قد يكون أكثر تعقيداً.

وقال ايدان ياو، وهو اقتصادي رفيع لدى ايه اكس ايه انفستمنت مانجرز، إن معدلات الصرف تنطوي على مضاعفات شاملة، ورغم أن تعرفات ترامب هي المستهدفة، فإن خفض اليوان 7 في المئة قد لا يساعد منتجات فنية فرضت عليها رسوم بـ25 في المئة.

وأضاف أن المكاسب من خفض متواضع في قيمة العملة "لن تكون فعالة في تخفيف المصاعب التي تواجه قطاع التقنية في الصين".

وقال جون كاولي، وهو شريك في شركة محاماة بيكر ماكينزي، إن خفض قيمة اليوان يمكن أن يعوض بشكل مؤقت فقط التعرفات الجديدة في أحسن الأحوال.

وأضاف في ايجاز "اذا كانت الشركات تعتقد أن هذه التعرفات ستستمر لفترة طويلة فإنها ستستكشف بدائل اخرى، وأحد أكثر تلك البدائل أهمية هنا هو تنويع المنتجات والانتاج في مواقع خارج خط النار المباشر، وهذه عملية مكلفة".

يذكر أن الصين حاولت في السابق تعويض الاضطرابات عبر اليوان. وفي صيف سنة 2008 عندما بدأ قطاع التصدير الصيني يشعر بتأثير الأزمة المالية العالمية تدخل البنك المركزي لانهاء الخفض التدريجي في قيمة اليوان منذ عام 2005 وأعاد ربط العملة بالدولار عند حوالي 6.8 – وقد انتهى ذلك في شهر يونيو 2010 عندما قال بنك الشعب الصيني إنه سيجعل معدل صرف اليوان أكثر مرونة.

استعادة زخم الصادرات

وساعد استقرار اليوان بشكل جزئي في استعادة زخم الصادرات الصينية، وكانت الصادرات الاجمالية تقلصت بنسبة 16 في المئة في سنة 2009 قبل أن تتوسع لتزيد الى 31.3 في المئة في السنة التالية.

ولكن حتى ان قررت واشنطن المضي قدماً في التعريفات الاضافية على منتجات بقيمة 200 مليار دولار اخرى – أو على كل ما يستورد من الصين – كما هدد ترامب فإن التأثير المباشر على الصادرات يتوقع أن يكون محدوداً. وبحسب الأرقام الصينية الرسمية فإن الصادرات الى الولايات المتحدة شكلت حوالي خمس شحنات بكين الاجمالية الى الخارج.

وقابل الخفض في قيمة اليوان منذ منتصف شهر أبريل الماضي تحسن معادل في قيمة الدولار – وكسب مؤشر الدولار الذي يقيس قيمة العملة الأميركية مقابل العملات الاخرى حوالي 6 في المئة خلال تلك الفترة.

ورداً على مزاعم ترامب حول تلاعب الصين بعملتها قال المتحدث باسم وزارة الخارجية جنغ شوانغ، إن الصين لم تحاول قط دفع المبيعات الخارجية عن طريق الانخراط في خفض تنافسي للعملة.

وكان ترامب قال في تغريدة في العشرين من شهر يوليو الماضي، إن "الصين والاتحاد الأوروبي وآخرين يتلاعبون بعملاتهم وبمعدلات الفائدة".

وتوقع تنغ ليو، وهو اقتصادي صيني رفيع لدى نومورا انترناشنال في هونغ كونغ، أن يستمر اليوان في الانخفاض خلال الأشهر المقبلة مع تعديل بكين لسياساتها. وقررت الحكومة الصينية زيادة انفاقها المالي، وتخفيف سياستها النقدية لمساعدة النمو، وهو ما سيضيف الى الضغوط على العملة الصينية.

وقال تك لنغ تان، وهو محلل عملات لدى يو بي اس غلوبال ويلث مانجمنت، إن الدولار القوي قد يرتفع بقدر أكبر من الـ7 في المئة مقابل اليوان في الأشهر المقبلة. ولكن الخفض الحاد للعملة قد يؤدي الى نتائج عكسية بسبب تقليص ثقة المستثمرين في كل أصول اليوان –من الأصول الحقيقية الى الأسهم– ويفضي الى خسائر أكبر من أي مكاسب في المبيعات الخارجية.

وكانت الصين أحرقت أصابعها عندما خفضت قيمة اليوان بحوالي 2 في المئة في أغسطس 2015، وهي خطوة –الى جانب خسائر سوق الأسهم– دفعت الى هجرة الأموال من الصين والى هبوط حاد في معدلات صرف اليوان.

واضطر البنك المركزي الى هدر ما يعادل تريليون دولار من احتياطيات العملة الأجنبية من أجل استعادة الاستقرار، واستخدم البنك سياسة "الدورة المضادة" في تحديد قيمة اليوان منذ شهر مايو من العام الماضي، وهي خطوة منحته دوراً أكبر في تحديد معدلات الصرف، إذ يحدد البنك المركزي متوسط السعر اليومي لليوان، ويتدخل مباشرة في سوق الصرف الأجنبي، ويعطي تعليمات الى البنوك الرئيسية في تداولات الفوركس.

وعندما ضعف اليوان في مطلع يوليو الماضي بكسره حاجز 6.7 قال حاكم البنك المركزي يي غانغ، إن الصين تملك "الأساسيات والقدرة والثقة" لإبقاء معدلات الصرف مستقرة بشكل أساسي.

وقال روب كوب، وهو مدير شبكة الايكونوميست كوربوريت في هونغ كونغ، وهي وحدة مرتبطة بالمجلة البريطانية أن الصين كانت عرضة لضغوط لتفادي خفض قيمة اليوان، وهي تسعى الى تشجيع العالم على استخدامه في العمليات وعلى شكل عملة احتياطية.

وأضاف كوب "يبدو أن صناع السياسة في الصين يهدفون بقدر أكبر الى بناء الثقة في نظامهم بما في ذلك عملتهم، ويعطينا هذا البعض من أسباب الأمل في ألا يتحول الأمر الى حرب عملات".

● أورانغ وانغ وتشاد براي