أثار قرار السعودية بإيقاف شحنات النفط عبر مضيق باب المندب الأسبوع الماضي، والذي جاء بعد وقت قصير من تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز، العديد من التساؤلات بشأن احتمالية تعرض تجارة النفط الى مخاطر في أي من نقاط الاختناق حول العالم، وما الذي يمكن للبلدان ومنتجو النفط عامة القيام به من أجل التخفيف من تلك المخاطر؟

وكنت قد قدمت صورة مفصلة في مقالة سابقة للمضائق الأربعة الأشد خطورة على امدادات النفط. بينما تهتم هذه المقالة بالمشاريع والخطط الهادفة الى تجنب استخدام هذه الممرات.

Ad

مضيق هرمز

يمر نحو خمس تجارة النفط، أو ما يقارب 19 مليون برميل في اليوم من النفط الخام، عبر مضيق هرمز، إضافة الى نحو ثلث الإمدادات العالمية من الغاز المسال. ولدى كل من السعودية ودولة الامارات خطوط أنابيب تستطيع نقل النفط الى خارج الخليج العربي والالتفاف على مضيق هرمز ولكن هذه الخيارات بصورة عامة تعمل بأقل من السعة المطلوبة الى حد كبير.

وتملك السعودية خط بترولاين الذي يمتد 750 ميلاً من حقول النفط السعودية في الشرق الى البحرالأحمر في الغرب عند ميناء ينبع. (بينما توقف الخط القديم الممتد من السعودية الى لبنان عن الخدمة منذ عقود). ومن خلال بترولاين يمكن لجزء من النفط السعودي تفادي الحاجة الى المرور عبر مضيق هرمز (أو باب المندب)، إذ تنقله الناقلات من البحر الأحمر ومنه الى قناة السويس والبحر المتوسط.

وتصل طاقة بترولاين إلى 4.8 ملايين برميل في اليوم، ولكن بحسب ستاندرد أند بورز غلوبال بلاتس فإن الخط ينقل نحو 1.9 مليون برميل يومياً، أي أن 2.9 مليون برميل يومياً من طاقة النظام تظل معطلة.

وبحسب وكالة الطاقة الدولية أعلنت شركة أرامكو السعودية خططا منذ فترة قريبة لتحسين السعة في هذا الخط بحيث تصل الى 7 ملايين برميل في اليوم، كما تنوي تحقيق هذا الهدف بحلول نهاية العام الحالي، ولكنها حققت قدراً قليلاً من التقدم على تلك الجبهة.

واضافة الى ذلك، فإن لدى دولة الإمارات خط أنابيب نفط أبوظبي الذي يتمتع بسعة تصل الى 1.5 مليون برميل يومياً ويمتد من حقل هبشان أونشور في أبوظبي الى امارة الفجيرة على خليج عمان متجاوزاً مضيق هرمز.

وقالت ستاندرد اند بورز غلوبال بلاتس إن نحو 0.5 مليون برميل في اليوم تمر عبر ذلك الخط، بينما يبقى مليون برميل يومياً طاقة معطلة.

بناء طاقة تصدير

في غضون ذلك، أمضت إيران عدة عقود وهي تفكر في خطط لبناء سعة تصدير للنفط على ساحلها الجنوبي الشرقي بما يتجاوز مضيق هرمز، في حال حدوث اضطراب في محطتها الرئيسية في جزيرة خرج داخل الخليج العربي. كما طرحت مناقصة في العام الماضي لبناء قسم من خط الأنابيب الذي تأمل في أن يغدو جاهزاً بحلول أوائل 2020 – وسيساعد خط الأنابيب هذا في نقل النفط من بحر قزوين الى خليج عمان.

مضيق ملقا

في آسيا تقع نقطة الاختناق الثانية – مضيق ملقا – وهو ضيق جدا، اذ يبلغ عرضه 1.7 ميل فقط عند أضيق نقطة. وينتقل عبر ذلك المضيق أكثر من 16 مليون برميل من النفط في اليوم. وتعتمد الصين بشدة على المضيق، وقد أفضت قابلية التعرض هذه لعدة مبادرات صينية تهدف الى العثور على بدائل.

ويتصدر القائمة خط أنابيب ميانمار-الصين الذي بدأ العمل قبل أكثر من سنة بعد سنوات من التأجيل. وكان هذا الخط جزءاً من برنامج الصين " حزام واحد طريق واحد " ويمثل حملة واسعة للبنية التحتية عبر معظم آسيا. وهو يقوم بتحميل شحنات النفط من خليج البنغال وشحنها إلى إقليم يونان الصيني حيث تملك بتروتشاينا مصفاة للنفط. ولدى الخط سعة من 440 ألف برميل في اليوم، كما يوجد أيضاً خط أنابيب للغاز الطبيعي يمتد على طول الطريق نفسه ولديه سعة من 424 مليار قدم مكعبة في السنة.

وكانت الصين تفكر أيضاً في بناء خط أنابيب بقيمة عدة مليارات من الدولارات لنقل النفط الخام من ميناء غوادار الساحلي في باكستان إلى غرب الصين. ولكن تلك المبادرة لم تنطلق على الرغم من أن غوادار تمثل جزءاً من استراتيجية أوسع كثيراً بالنسبة الى الصين تتجاوز شحنات النفط.

قناة السويس

تعتبر قناة السويس نقطة الاختناق الرئيسية الثالثة، رغم أن الجانب الأعلى منها يقع في دولة واحدة وليس بين عدة دول كما هو الحال في مضيقي هرمز وملقا. وعلى الرغم من ذلك فإن القناة لا تستطيع استقبال ناقلات محملة بالكامل، مما يعني أن بعض الناقلات تضطر إلى إفراغ حمولتها عبر خط أنابيب "سوميد SUMED" الذي يربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط متخطياً القناة. وهذا الخط هو الطريق الوحيد البديل، وإلا فإن الناقلات ستضطر إلى السفر حول رأس إفريقيا الجنوبي مضيفة 2700 ميل الى رحلة ناقلة تنطلق من السعودية إلى الولايات المتحدة.

ولا توجد بدائل لمضيق باب المندب ما عدا خطوط التابلاين المذكورة أعلاه في السعودية، واغلاق المضيق سيجبر الناقلات على الدوران حول ساحل افريقيا الجنوبي.

وبصورة عامة فإن الطرق البديلة لنقاط الاختناق الرئيسية هذه تمثل حلولاً جزئية فقط إن وجدت في الأساس. وتظل السعة لتخطي البعض من أكثر الاختناقات حيوية هامشية بشكل نسبي. ولاتزال تجارة النفط تعتمد بشدة على عوامل متعددة ومعرضة بقدر كبير لمخاطر تعطل طويل.