إنها حقا مصادفة لا تتكرر كثيراً، ربما حدثت مرة واحدة من قبل، ولكن ما أذكره جيداً هو تاريخ اليوم الذي يتطابق مع يوم الغزو العراقي لدولة الكويت، الخميس 2 أغسطس 1990، أذكر أيضا أشياء متعلقة بطريقة الشعوب في تخليد مناسباتها الحزينة والمفرحة، وثباتها في استخدام التوصيفات التي لا تتبدل تحت وطأة مصالح السياسة ومجاملات الدبلوماسية.

في عام 1986 تابعت حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية في عاصمة كوريا الجنوبية سيئول، وأذكر جيداً كيف كانت حالة الاستهجان تسود كلما ظهرت صورة رئيس الوزراء الياباني على الشاشة الكبيرة في الملعب، لماذا؟ لأن الشعب الكوري الجنوبي لم يغفر لليابانيين أفعال جيشهم الشنيعة- خصوصاً اختطاف الصغيرات وإجبارهن على البغاء القسري مع أفراد الجيش الياباني- خلال فترة الاحتلال التي انتهت بهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، تلك الحرب انتهت في 1945 وبعد 41 سنة بقيت جمرة المرارة والحزن متأججة كأن الزمن متجمد في مكانه.

Ad

لم يقل أحد للكوريين كفاية، ولم يستكثر أحد عليهم الشعور بالغضب والكراهية، خصوصا أن اليابان بقيت تكابر في الاعتذار عن جرائم الاسترقاق الجنسي حتى أواخر 2015، أي بعد سبعين سنة، وحالة الكراهية نفسها طبقها الإنكليز مع إمبراطور اليابان عندما زار بريطانيا، لم يفعلوا الكثير فقط أعطوا ظهرهم للموكب الملكي ولمن داخل العربة الملكية.

ألمانيا التي سلطها الله على الإنكليز والفرنسيين هزمت في معركة إنزال النورماندي التي تعتبر واحدة من أهم مؤشرات الجيش النازي، إضافة إلى ستالينغراد والعلمين، ومن يومها والفرنسيون مع الحلفاء يحتفلون بالنصر في النورماندي سنوياً بحضور المستشار الألماني. ذلك هو التاريخ، ما حصل قد حصل وقد تمتد آثاره إلى أزمان لاحقة، ولكن لا بد عند نقطة أن يبدأ التحول في العلاقة كما حصل بين الفيتناميين والأميركيين سواء لأجل المصلحة أو بتأثير دواء الزمن، المهم لا تنازل عن الوصف الدقيق ولا مجال لتقطيع بعض صفحات التاريخ؛ لأن العلاقة بين السياسيين صارت أفضل، أخيرا ما حصل في 2 أغسطس 1990 غزو عراقي لبلدي الكويت، وما يحصل اليوم هو علاقات أخوّة وجيرة ومؤتمر إعادة إعمار وود.