بينما تدفع الأحزاب الدينية، في باكستان، القوة النووية التي يبلغ عدد سكانها 208 ملايين نسمة، وبعضها جديد والبعض الآخر له وجود راسخ، بأكثر من 1500 مرشح للمنافسة على مقاعد المجالس الوطنية والإقليمية مقارنة مع بضع مئات في 2013، قتل، أمس، مرشح حزب "حركة إنصاف باكستان"، الذي يتزعمه نجم "الكريكت" السابق عمران خان، مع سائقه، وأصيب 3 آخرين في هجوم انتحاري في مدينة ديرة إسماعيل خان، وأعلنت حركة "طالبان" الباكستانية مسؤوليتها عن التفجير، وذلك قبل 3 أيام من الانتخابات العامة.

وقال قائد الشرطة المحلية زهير افريدي: "فجر انتحاري نفسه قرب سيارة اكرم الله غاندابور أثناء مغادرته منزله متوجها إلى الحملة الانتخابية، مما أدى إلى مقتله مع سائقه".

Ad

وكان غاندابور، وهو وزير إقليمي سابق، واحدا من مرشحي "حركة إنصاف باكستان" لمجلس إقليم خيبر بختونخوا في شمال غربي باكستان. كما قتل شقيقه في هجوم انتحاري عام 2013.

وفي أحدث ضربة لحزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية- جناح نواز شريف"، الذي يتهم الجيش بالتأثير على القضاء لحرمان الحزب من حكم البلاد لولاية جديدة، أصدرت محكمة مكافحة المخدرات حكما بالسجن المؤبد على أحد مرشحي حزب رئيس الوزراء السابق نواز شريف.

وصدر الحكم ليل السبت- الأحد على حنيف عباسي، الذي كان يعتبر مرشحا قويا لحزب "رابطة باكستان الاسلامية- نواز" في الانتخابات. ويُخرج الحكم عباسي من السباق الانتخابي.

وتتعلق القضية التي يعود تاريخ النظر فيها إلى ست سنوات بتزويد مهرب مخدرات بعقار ايفيدرين.

وتشير استطلاعات الرأي إلى تنافس شديد بين "الرابطة الإسلامية الباكستانية- جناح نواز شريف" الحاكم وبين "حركة إنصاف باكستان"، في حين يأتي "حزب الشعب الباكستاني"، الذي كانت تنتمي إليه رئيسة الوزراء الراحلة بينازير بوتو، في المركز الثالث.

إلى ذلك، ورغم أن الأحزاب الإسلامية موجودة على الدوام في باكستان، فإن الأحزاب الجديدة اشتهرت بما يتردد عن روابط تربطها بالمتشددين وهجماتهم الخطابية على تدين ساسة التيار الرئيسي أو وطنيتهم.

ودفعت الأحزاب الدينية، وبعضها جديد والبعض الآخر له وجود راسخ، بأكثر من 1500 مرشح للمنافسة في الانتخابات.

وتشدد الأحزاب الرئيسية الثلاثة على التمسك بالإسلام، غير أن الأحزاب الدينية الجديدة تصورها، وخصوصاً "حزب الرابطة الإسلامية - جناح نواز"، على أنها تقود باكستان في طريق أوحى به الغرب يبعد البلاد عن القيم الإسلامية.

ويخوض أحد هذه الأحزاب واسمه حزب "تحريك لبيك باكستان"، الانتخابات تحت شعار "الموت للكفرة"، وقد أشرك في قوائم المرشحين 566 مرشحا.

ويندد مرشحوه بـ"الرابطة الإسلامية - جناح نواز" ويصفونه بالكفر بسبب تعديل محدود على قانون الانتخابات في العام الماضي تم التراجع عنه بسرعة بعد احتجاجات في مختلف أنحاء البلاد سقط فيها سبعة قتلى على الأقل.

وكان التعديل مرتبطا بالقسم الذي يؤديه المرشحون، إذ غير الصياغة الدينية بعد أن كان ينص على أن الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام) هو آخر الأنبياء.

وفي مايو، أطلق رجل عرّفته الشرطة بأنه من أنصار "تحريك لبيك" النار، فأصاب وزير الداخلية آنذاك احسان إقبال وهو ينصرف من اجتماع. وقال للمحققين إنه لا بد من موت إقبال لأنه "كفر".

ومع ذلك فقد استخدم عمران خان اتهامات الكفر في خطبه الانتخابية، ودافع عن مثل هذا الخطاب في مقابلة مع "رويترز".

وقال خان: "لا يمكن أن تكون مسلما إذا لم تؤمن بأن الرسول (عليه الصلاة والسلام)، رسولنا، هو خاتم الأنبياء".

وفي حين أن "تحريك لبيك"، حزب مسجل قانونيا، فإن حركات أخرى دفعت بمرشحين وهي محظورة رسميا في باكستان، لكنها تحايلت على القيود القانونية.

ورفضت لجنة الانتخابات هذا العام طلبا من جمعية خيرية تابعة لحافظ سعيد- من أبرز المطلوبين على قوائم الإرهاب في الولايات المتحدة، إذ انه متهم بأنه العقل المدبر وراء هجمات مومباي التي كان ضحاياها 166 شخصا عام 2008- لتسجيل حزب سياسي، غير أن الجمعية سجلت فيما بعد مرشحين باسم حزب قائم هو "حزب الله أكبر تحريك"، الذي تتصدر صور سعيد لافتات دعايته الانتخابية.

ودفع حزب آخر سني متطرف هو "حزب أهل السنة والجماعة" بعشرات المرشحين تحت اسم آخر رغم أنه ممنوع باعتباره الجناح السياسي لـ"حركة عسكر جنجوي"، التي قتلت المئات من أفراد الطائفة الشيعية. وينفي الحزب وجود صلة تربطه بالحركة.

وفي الشهر الماضي رفعت حكومة تصريف الأعمال اسم محمد أحمد اللدهيانوي زعيم "حزب أهل السنة" والجماعة من قوائم ترقب الارهابيين في باكستان، معززة بذلك ترشحه في الانتخابات.

إذاً، فإن مجموعة كبيرة من الجماعات الإسلامية المتشددة تخوض الانتخابات، ومن المحتمل أن تغير شكل المسرح السياسي في باكستان، وتستخدم هذه الجماعات في دعايتها لغة خطابية مناهضة للغرب، وتدعو لاعتماد تفسيرات أكثر تشددا للشريعة الإسلامية.

وحتى إذا فازت هذه الأحزاب، كما هو متوقع، بعدد قليل من المقاعد، فإن الباكستانيين من ذوي الميول الليبرالية والعلمانية يقولون، إن عدد مرشحي الأحزاب الدينية في حد ذاته وخطابها المتشدد حركا بالفعل جدول الأعمال باتجاهها.