مع انضمام الجمهوريين، الذين لا يميلون عادة لانتقاد رئيسهم، إلى صفوف الديمقراطيين في انتقاد موقفه التصالحي في قمة هلسنكي، وتأكيد التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية للعام 2016، طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من مستشاره للأمن القومي جون بولتون دعوة نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى واشنطن في الخريف.

ووفق الناطقة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، فإن "المناقشات جارية بالفعل"، موضحة أن ترامب وافق، خلال اللقاء الأول مع بوتين يوم الاثنين في هلسنكي، على "مواصلة الحوار" بين مستشارَي البلدين للأمن القومي.

Ad

وفي محاولة من البيت الأبيض لطي صفحة الجدل الذي نشأ من المؤتمر الصحافي في هلسنكي، أكدت ساندرز أن ترامب لن يسمح للقضاء الروسي باستجواب مسؤولين أميركيين. وقالت: "انه اقتراح تقدم به الرئيس بوتين بكل صدق، لكن الرئيس ترامب غير موافق عليه".

وحذر زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر ترامب من لقائه بوتين في اجتماع آخر في الولايات المتحدة أو روسيا أو أي مكان آخر، حتى يعلم الأميركيون ماذا دار بينهما في هلسنكي على مدار ساعتين.

ودافع ترامب عن جهوده لبناء علاقة مع نظيره الروسي، وقال في مقابلة بثتها محطة "سي إن بي سي" التلفزيونية، أمس: "عقدنا اجتماعا استمر أكثر من ساعتين. لم يكن توافقيا طيلة الوقت"، مضيفاً: "ناقشنا الكثير من الأمور الجيدة للبلدين".

احتواء جمهوري

وأثار دفاع ترامب عن بوتين أمام كاميرات العالم أجمع بعد لقائهما على انفراد في فنلندا، الصدمة حتى داخل معسكره، لكن أعضاء الكونغرس من الجمهوريين لا يملكون سوى وسائل محدودة لاحتوائه.

ومع أن الجمهوريين لا يميلون عادة لانتقاد رئيسهم إلا انهم انضموا هذه المرة الى صفوف الديموقراطيين لتأكيد أن روسيا المتهمة بالتدخل في انتخابات 2016 لا تزال تشكل تهديدا مع دنو موعد انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر.

واتهم السناتور الجمهوري بن ساس ترامب بالابتعاد عن الواقع ومجاملة "طاغية روسيا". وكتب الجمهوري بوب كوركر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ على "تويتر": "لم تعد هناك ضوابط، وحان الوقت ليتدخل الكونغرس بشكل أكبر واستعادة حقوقنا".

ورغم انسجامه الغالب مع ترامب، اعتبر السناتور الجمهوري ليندساي غراهام أن "عدم القيام بشيء سيشكل خطأ سياسياً" مضيفاً أن تدخل روسيا "احتمال من نوع اعتداءات 11 سبتمبر يمكننا الحؤول دون وقوعه".

وتقدم عضو الكونغرس الجمهوري جيف فليك الاربعاء باقتراح يعيد التأكيد على قناعة اجهزة الاستخبارات بحصول تدخل روسي وبأن موسكو ستتحمل مسؤولية أفعالها، لكن دون المضي أبعد من ذلك. وألمح زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الثلاثاء الى امكان عرض النص على التصويت.

إلى ذلك، أكد مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس أنه لا يعرف ما الذي ناقشه ترامب وبوتين، وما الذي اتفقا عليه في هلسنكي، مشيراً إلى أن "صلاحيات الرئيس" تتيح له أن يحتفظ لنفسه بمضمون ما جرى.

وكوتس، الذي تُطلع أجهزته يومياً الرئيس على أكثر المعلومات سرّية حول التهديدات الأمنية للولايات المتحدة، أوضح أنه لم يكن موافقا على القرار الذي اتخذه ترامب بأن يُقابل بوتين منفردَين مع وجود مترجميهما فقط.

وأقرّ كوتس بأن هناك "خطرا على الدوام" من احتمال أن يكون الروس سجّلوا المحادثات التي تمت بين الرئيسين. لكنه استبعد أن تكون الكُرة التي مررها بوتين لترامب خلال المؤتمر الصحافي مجهّزة بميكروفون. وتابع ممازحا "لدينا القدرة على التحكم في أشياء كهذه، لتحديد ما إذا كانت تشكل خطرا، لذلك أنا متأكد من أننا دقّقنا عن قرب بهذه الكرة".

وعلى الجانب الآخر، أعلن السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف، أمس، استعداد موسكو لعقد المزيد من الاجتماعات مع ترامب، مضيفاً: "لطالما كان الجانب الروسي منفتحا لمثل هذه المقترحات. نحن مستعدون لعقد نقاشات في هذا الصدد".

لكن أنتونوف أكد أن "المهمة لا تتمحور حول مضاعفة عدد القمم. المهمة هي الإعداد للقمم بشكل جوهري، للتوصل إلى فهم مشترك للقرارات لإزالة المخاوف والتحرك قدماً".

وكشف السفير الروسي لدى واشنطن أن "تقييم موسكو لحالة العلاقات الثنائية سيستند إلى إعادة الممتلكات الدبلوماسية الروسية المصادرة في الولايات المتحدة، وإلغاء طرد الدبلوماسيين، ورفع العقوبات الاقتصادية وعودة صيغة التعاون 2+2 على مستوى وزيري الخارجية والدفاع".

وأضاف أن معايير التقييم تتضمن أيضا التعاون في أمن المعلومات ومكافحة الإرهاب، "على أن تكون سورية هي المكان الأمثل لترجمة التعاون الثنائي الناجح".

شراكة ميركل

وفي برلين، رحبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعقد قمة جديدة محتملة بين الرئيسين الأميركي والروسي، واعتبرت دعوة البيت الأبيض غير المسبوقة منذ 2005 أمراً إيجابياً.

ورغم التباعد المتزايد لترامب عن أوروبا أكدت ميركل، في مؤتمرها الصحافي السنوي، تمسكها بالشراكة عبر الأطلسي، معتبرة أن التعاون مع الولايات المتحدة لا يزال "محوريا بالنسبة لألمانيا"، وأضافت: "سأستمر في رعاية هذه الشراكة".