بينما انحسرت التظاهرات المطلبية في جنوب العراق بشكل ملحوظ، بعد أن تسللت اليها السياسة ولجأت السلطات الى «الحل الأمني»، مظهرة حزما في التصدي للاحتجاجات، ظهرت دعوات الى تظاهرات موحدة في أنحاء البلاد يوم غد، وسط ترقّب لخطبة المرجعية الشيعية العليا، التي أعلنت الأسبوع الماضي دعمها للتحركات الشعبية، ودعت الحكومة الى تلبيتها.

ورجح مراقبون عراقيون أن تكون التظاهرات قوية بعد صلاة الجمعة، حيث يصبح الحل الأمني غير مجد مع الأعداد الكبيرة للمتظاهرين، خصوصا إذا كانت التوجيهات لقوات الأمن بعدم استخدام القوة الفائضة.

Ad

زيارة السعودية

وتعرضت حكومة تصريف الأعمال برئاسة حيدر العبادي لضغوط سياسية قوية من قبل قوى مقربة من إيران لإلغاء زيارة وفد وزاري الى السعودية لبحث اتفاقات حول الطاقة كانت مقررة أمس.

وقالت مصادر لـ «الجريدة» إن الزيارة أجلت لـ «أسباب عادية»، لكنها تبقى قائمة، وستتم في موعد قريب. وكانت إيران قد أوقفت إمداد العراق بالكهرباء، بسبب ديون متراكمة.

وتقول مصادر عراقية إن طهران تطالب بأن تدفع المبالغ بالدولار، وهو الأمر الذي تتخوف منه بغداد بسبب العقوبات الأميركية، وتضيف أن العراق يريد المقايضة بأي شيء سوى بالدولار.

في المقابل، تقول إيران إن شركات خاصة هي التي تزود العراق بالكهرباء، وإن الحكومة لا تستطيع الضغط على هذه الشركات لإعادة التيار من دون تحصيل ديونها.

وفشل اجتماع عقد قبل أيام بين البلدين في حل الأزمة، إثر ذلك، أعلنت بغداد زيارة وفد وزاري الى الرياض لبحث موضوع الطاقة.

وأكد مصدر حكومي عراقي لـ«الجريدة» أن الرياض طلبت من بغداد التريث لاستكمال المباحثات التمهيدية.

مطلب جديد

وكان لافتا أمس أن التظاهرات المتفرقة التي خرجت في أنحاء عدة من البلاد، لم تلجأ الى أساليب حادة مثل إغلاق الطرق، كما أن مطلبا جديدا بدأ يشق طريقه الى أولوية لائحة المطالب، وهو ملاحقة الفاسدين والمرتكبين منذ عام 2003 ومحاسبتهم، وهو مطلب قديم جديد، لكنه يكتسب بعدا سياسيا، خصوصا أن كثيرا من السياسيين الذي حكموا العراق منذ 2003 لا يزالون في السلطة بشكل أو بآخر.

البصرة

وفي مهد الحراك بمحافظة البصرة أقصى الحدود الجنوبية مع الكويت، تظاهر أمس مئات العراقيين في قضاء أبي الخصيب جنوب المحافظة، مطالبين بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل ومحاسبة المسؤولين المقصرين. ولم يتخلل التظاهرة حرق إطارات أو قطع شوارع، وتفرق المحتجون من تلقاء أنفسهم، بعد أن سلّموا ورقة مطالبهم الى ممثلين عن مجلس المحافظة.

ودعت عشائر محافظة البصرة، أمس، الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر إلى التدخل. وقالت في مؤتمر صحافي لعدد من شيوخ العشائر إن «العشائر دعت الحكومة العراقية إلى النظر في مطالبها المشروعة، لكنها لم تستجب، ولذلك فإن العشائر وأهالي البصرة يدعون الصدر إلى التدخل والنظر في مشاكلهم وإيجاد الحلول العاجلة للمشاكل التي تعانيها البصرة وضواحيها».

تظاهرات متفرقة

وشهدت مدينة الديوانية تظاهرة حاشدة أمام مبنى الديوانية الحكومي، مطالبين بمحاسبة المتهمين بملفات الفساد وإجراء إصلاحات حقيقية، وتوفير فرص العمل للعاطلين وتأمين الخدمات، ومنها الكهرباء والماء.

وفي النجف، أضيف مطلب إطلاق سراح المعتقلين على هتافات المتظاهرين الذين نزلوا بأعداد قليلة الى الشوارع، مؤكدين أن الوفد الذي قابل رئيس الوزراء حيدر العبادي قبل يومين لا يمثل المتظاهرين.

وفي المثنى، أعلنت لجنة تنسيقية التظاهرات في المحافظة الاتفاق على تنظيم تظاهرة جديدة الأحد لـ «التأكيد على المطالب التي أعلنت سابقا، إضافة إلى المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين، ورفض مذكرات الاعتقال بحق الناشطين».

وزارة الدفاع

وأمس الأول، أعلن المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة في العراق، يحيى رسول، عودة الاستقرار الی المدن وحقول النفط، مشددا على أن «القوات الأمنية تتعامل بكل حكمة مع المتظاهرين وضرورة عدم الانجرار وراء من يحاول الاصطدام مع القوات الأمنية».

وأكد رسول التزام قوات الأمن بالتوجيهات التي تضمنت عدم استخدام الرصاص الحي مع المتظاهرين، مشيرا الى أن «عدد الإصابات بين صفوف القوات الأمنية في التظاهرات بلغ 262 إصابة بين ضباط ومنتسبين ومراتب، بينهم 6 في حالة حرجة و30 ما زالوا يتلقون العلاج في المستشفيات».

وكانت وزارة الصحة قد أعلنت أمس الأول مقتل 8 متظاهرين منذ انطلاق التظاهرات قبل 12 يوماً.

الحكومة والعبادي

وبينما أصدر الرئيس ​العراقي​ ​فؤاد معصوم​، مرسوما بإحالة 328 نائبا من الدورة السابقة إلى التقاعد، صوّت مجلس الوزراء، أمس الأول، على إطلاق التخصيصات لمحافظة البصرة من البترودولار وإيرادات المنافذ الحدودية لتنفيذ أعمال الخدمات، وقرر اتخاذ مجموعة من الإجراءات لزيادة حصة المياه الصالحة للشرب في المحافظة.

وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي أمس الأول، «أهمية حماية المتظاهرين وحفظ الأمن في عموم البلاد»، مشيرا الى أنه وجه القوات الأمنية بـ «الحفاظ على سلامة المواطنين ومنع الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة».

ودعا العبادي المتظاهرين الى «التعاون مع الحكومة في كشف المندسين ومن يستهدف الأمن العام»، لافتا الى أن «الحكومة تتابع مطالب المتظاهرين باهتمام، ووجهنا بتلبية ما يمكن تلبيته في الوقت الحاضر».

وقال العبادي إنه يجب التسريع في التصديق على نتائج الانتخابات التي جرت في 12 مايو الماضي، وتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، المخولة تسمية رئيس جديد للحكومة.

«العصائب»

ودعت حركة «عصائب أهل الحق» المقربة من إيران، الى «التمييز بين المندسين ممن يحاولون استغلال التظاهرات لتخريب المال العام وتحقيق أجندات مشبوهة، معتبرة أن «العزوف عن الانتخابات والتظاهرات هي رسائل من الشعب العراقي للسياسيين لإنذارهم».