يجذب مسمى "القطاع الخاص" الشباب للالتحاق به، فيعتقد الكثير أن مزاياه المادية أفضل وأن فرص الإبداع فيه أكبر، وهو بوابة للدخول في الأعمال الشخصية التجارية مستقبلاً، لكن يجب أن نفرق بين أن تكون موظفا في القطاع الخاص وبين أن تكون أنت صاحب العمل ومالك رأس المال، ولكلٍ مزاياه ومخاطره.

قبل سنوات عديدة أطلقت الحكومة برنامجاً ضخماً لتشجيع الشباب الكويتيين على الالتحاق بالقطاع الخاص (هدّه خله يتحدى) وأثناء تطبيق هذا المشروع المستحق ناقضت الحكومة نفسها فشرعت زيادات مالية وكوادر إضافية لجهات حكومية، وبدلاً من تحول الكويتيين إلى القطاع الخاص عادوا مرة أخرى إلى الوظائف الحكومية أو النفطية أو الهيئات المستحدثة خصوصا ذات المزايا المادية العالية التي لا تحتاج غالباً إلى شروط صعبة إذا توافر المؤهل الأعظم (الواسطة).

Ad

الشباب الكويتيون في القطاع الخاص يعانون فعلاً وهواجس عدم الاستقرار الوظيفي تلاحقهم، ففضلاً عن المجهود المضاعف الذي قد لا يتناسب مع الراتب فهم عرضة لإنهاء التعاقد في أي لحظة بلا ضمان، وقد يضطرون لتقديم استقالتهم بلا سبب، كما أن فرص الترقي واعتلاء المناصب محدودة أمامهم، وهي مقرونة بجوانب أخرى لا علاقة لها أحيانا بالكفاءة والاجتهاد، بل بالقرابة العائلية والمنفعة المتبادلة، كما أن الشاب الكويتي يعاني وللأسف في أحيان كثيرة سطوة القيادات غير الكويتية، حيث توضع أمامه عراقيل تمنع ارتقاءه في السلم الوظيفي والقيادي، وربما انشغل الموظف بهموم سوء إدارة الشركة وتعرضها للخسائر بسبب سياسات قيادتها التي ليس له يد فيها، وأخيراً لا ينجو موظف القطاع الخاص من التضحية به إذا تغير الملاك وأعضاء مجلس الإدارة، فيجد نفسه فجأة موظفاً غير مرغوب فيه في المؤسسة!

لن يحس بمعاناة موظفي القطاع الخاص أكثر من الموظفين نفسهم، ولن يقدم لهم أحد ما يريدونه ما لم تكن لهم واجهة وظيفية نزيهة وأمينة وقوية تستطيع الدفاع عن حقوقهم والمطالبة بتحسين قوانين الخدمة والعمل لمصلحتهم، وأنا أنصحهم باستغلال وجود نواب في البرلمان من الشباب يملكون تصحيح كثير من هذه الأوضاع باقتراحاتهم وقوانينهم، كما أن من الواجب على جهاز إعادة الهيكلة إتاحة قنوات التواصل مع الشباب الكويتيين وعقد لقاءات مفتوحة معهم ولو بشكل سنوي؛ من أجل التعرف على ملاحظاتهم وتعزيز جوانب التوظيف في القطاع الخاص التي ستنعكس إيجاباً على شباب الكويت وبناتها.

والله الموفق.