الليلة يسدل الستار على بطولة كأس العالم لكرة القدم، أو "المونديال الأحمر"، كما يطلق عليه البعض، لكونه أقيم على أرض مخضبة أيدي أهلها بدماء مئات آلاف الأطفال والنساء والرجال من أهل سورية، بل إنه خلال لعب مباريات تلك البطولة كانت روسيا تدك الجنوب السوري، وتقتل أهله، وتبيد المدن، وتهلك الحرث والنسل، ولم يتحرك ضمير الرياضة، أو أي مؤسسة رياضية، لتقول: إن لعب هذه البطولة على الأرض الروسية في ذلك التوقيت سيكون وصمة عار على جبين الرياضة ومَن شارك في تلك البطولة، لكن التاريخ هو مَن سيحاسب.

أما الجانب التنظيمي للبطولة، فقد كان عادياً، ولم يشهد إضافات بدرجة "واو" عن نسختي جنوب إفريقيا والبرازيل الأخيرتين، كما أن المستوى الفني أيضاً لم يكن أعلى من البطولات السابقة، ولم تشهد البطولة ولادة أي سوبر نجم جديد، بل كانت نهاية جيل من النجوم الذين تصدَّروا واجهة كرة القدم العالمية خلال السنوات العشر الأخيرة، أمثال: كريستيانو رونالدو ونيمار، وحتى ليونيل ميسي على مستوى المنتخبات الوطنية.

Ad

أما على مستوى التحكيم، فإن نظام حكم الفيديو المساعد (فار)، المكوَّن من 33 كاميرا وأجهزة عرض بطيء متعددة، والذي يكلف ملايين طائلة من الدولارات، فإنه لم ينصف فرقاً عانت سوء التحكيم، كما حدث للمنتخب الكولومبي في مواجهته مع المنتخب الإنكليزي في دور الستة عشر من قبل الحكم الأميركي، وكذلك مباراة المنتخب المكسيكي مع نظيره البرازيلي، حيث أشبع اللاعب نيمار وزملاؤه الحكم تمثيلاً بالإصابة انطلى معظمه عليه. وبخلاف سلب نظام الفيديو المساعد لمتعة كرة القدم وعفويتها وشعبيتها، فإنه نظام غير عادل، لأن الحكم يستخدمه أحياناً لمصلحة فريق، ويمتنع عن استخدامه لمصلحة فريق آخر.

بشكل عام، فإن البطولة التي صدمت العرب الذين شاركوا فيها، وعرَّفتهم بحقيقة مستواهم الفني، شهدت أمراً مهماً ولافتاً، هو قدرة اللاعبين المهاجرين على صُنع الفارق في المنتخبات الأوروبية، وخاصة في المنتخب الفرنسي، الذي يكاد يكون منتخباً إفريقياً عربياً، وكذلك البلجيكي، وأيضاً العناصر المؤثرة في المنتخبين السويسري والسويدي. وبالتأكيد، فإن المنتخب الكرواتي كان نجم الحدث، وأبرز نموذج للبلد الصغير والحديث النشأة النموذجي، الذي يعطي دروساً في حُسن الإدارة والسياسة والديمقراطية والرياضة، وأشياء كثيرة أخرى.

ولكن الخلاصة، أن "المونديال الأحمر" مناسبة للنسيان من تاريخ الرياضة، لأنه وصمة عار في ضمير أخلاقيات الرياضة، كونه أقيم على أرض حكومتها تقصف وتقتل أطفالاً، في نفس الوقت الذي يرفع "الفيفا" على أرض نفس الدولة شعارات اللعب النظيف ونبذ العنف والتسامح والتآخي العالمي!