الجميل في الوثائق التاريخية أنها مرجع للمعلومة، والحدث، والزمن، والتفاصيل، ويعجز الإنسان أن يشكك في صحة معلومات الوثائق القديمة، لأنها كتبت بأقلام أناس اعتركوا تلك الفترة الزمنية، وعرفوا تطوراتها، فهم بذلك أقرب إلى الصواب.

لكننا، رغم ذلك، نختلف في تحليل ما ورد في هذه الوثائق من معلومات، ولنا كل الحق طالما أننا نجتهد بناء على أدلة، وشواهد، ومراجع.

Ad

السبب الذي يدعوني إلى بدء مقال اليوم بهذا الكلام هو ما ورد في وثيقة الأسبوع الماضي من أن حصر ورثة التاجر حمد الصقر، رحمه الله، تضمن "حَملا" في بطن إحدى زوجاته، وهي فاطمة البسام، وقد ثبت ذلك بشهادة رجلين ثقات ومن أقرب الناس للتاجر حمد الصقر، وصادق القاضي الشيخ عبدالله الخلف الدحيان على شهادتهما.

وقد اعتُبر الـ "الحَمل" ذَكَراً، وتمت تسوية الإرث على هذا الأساس. إلا أنه تبين لي من خلال مكالمة مع الأستاذ محمد جاسم الصقر أن فاطمة البسام لم تنجب من حمد الصقر، وليس لها أبناء منه، وأن ما لديه من أبناء وبنات هم من زوجتيه سبيكة بنت محمد السميط، وشيخة بنت السيد فايز الرفاعي، مما يؤكد من دون شك أن "الحمل" الذي في بطن فاطمة سقط ميتاً قبل ولادته.

معلومة جميلة، وشكراً للأستاذ محمد الصقر على هذا التوضيح، وهو الأدرى بذلك، لكونه حفيد المرحوم حمد الصقر.

اليوم نستعرض وثيقة أخرى للتاجر حمد الصقر، وهي وصيته قبل وفاته، وقد كتبها بخط يده الشيخ أحمد الفارسي، رحمه الله، ونقلت نصها المعتمدية البريطانية في الكويت وصادقت عليها، كما صادق عليها أمير البلاد الشيخ أحمد الجابر الصباح، رحمه الله.

تقول الوثيقة "وجه تحرير هذه الأحرف المعتبرة شرعا هو اثبات وصية ووصي واستحقاق للايصاء اليه وتوليته ونصب ناظر على المتولي على أولاد الرجل المدعو الحاج حمد بن عبدالله الصقر القاصرين وذلك انه ثبت لدى المحكمة الشرعية المنعقدة بمدينة الكويت صحة وصية المرحوم الحاج حمد بن عبدالله الصقر واعتبارها بشهادة كاتب ورقتها الشيخ احمد بن محمد الفارسي احد علماء الكويت وإمضاء المرحوم الحاج محمد بن يوسف الصبيح وختمه وامضاء الموصي وختمه..".

إذن تم التأكد من صحة الوصية وشرعيتها، ولا غبار عليها عند الخبراء والشهود والمحكمة، ولذلك مضت المحكمة والأجهزة التابعة لها في البدء بتنفيذها بعد وفاة التاجر حمد الصقر. تقول الوثيقة إن الوصية تتضمن تنصيب "صقر بن عبدالله الصقر" وصياً على ثلث أخيه المتوفى حمد، والذي خصص لأعمال الخير، إضافة إلى تنصيب "صقر" وصياً على أبناء حمد القاصرين.

ونص الوثيقة يقول: "ومضمون الوصية المشار اليها ان المرحوم الحاج حمد المقدم الذكر أوصى في حالة صحته عقلا وبدنا الى اخيه العدل الحاج صقر بن عبدالله الصقر بإخراج ثلث ماله في أعمال البر وان يكون وصيا على أولاده القاصرين في تربيتهم وحفظ مالهم وتزويج بناته."

في الأسبوع المقبل سنكمل، إن شاء الله، القراءة في وثيقة وصية التاجر حمد الصقر، رحمه الله.