تحقق سياسة الدولة الخارجية المكاسب المتتالية، فالسنوات الأخيرة شهدت دوراً كويتيا بارزاً دانت له الكرة الأرضية بالاعتراف سواء في تمسك الكويت بحقوقها في تسوية آثار وتبعات الغزو العراقي أو في سعيها إلى الحفاظ على الشمل الخليجي، وتخفيف الأضرار من اضطراباته الأخيرة أو في الدفاع الواضح والصريح عن القضايا العربية والإسلامية عامة والقضية الفلسطينية خاصة في كل المحافل والمنتديات أو في عطائها الإنساني للدول والمجتمعات وإعادة الإعمار وإغاثة المنكوبين حول العالم، ولله الحمد.

إن الاهتمام الذي تبنته الكويت تجاه الاقتصاد العالمي والسعي إلى بناء التحالفات الاقتصادية مع مختلف الدول ومن مختلف القارات، وآخرها التعاون مع تركيا، ثم اتفاقيات الصين، هو اتجاه سديد وذو آثار نافعة بإذن الله على المدى البعيد لمستقبل الكويت وشعبها، وهو منظور رشيد، لكنه يحتاج بلا شك إلى أساسات قوية ودعامات فاعلة تنجح في إثراء هذا التوجه الاقتصادي والحفاظ عليه لأجل طويل، وتحقيق رؤية تحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري، والتي تصنع للدولة استقراراً أمنياً ودولياً بعيد المدى بإذن الله.

Ad

إن تطوير البنى التحتية للدولة ومرافقها كالشبكات الإلكترونية والجسور والطرق، وإصلاح الخدمات العامة كالبريد والموانئ والاتصالات، وتسهيل وتبسيط الإجراءات الحكومية، ومراجعة القوانين مثل القوانين التجارية وقوانين العمل واستقطاب المستثمر الأجنبي و(الجزر ومدينة الحرير) كلها أمور يجب أن تضعها الحكومة نصب أعينها داخلياً لتواكب المسار الدبلوماسي الاقتصادي.

وماذا عن البيروقراطية الحكومية والعبث الإداري والمالي، والتلاعب في المناقصات والعقود والرشا المتغلغلة في المشاريع الكبرى؟ فكيف يمكن إقناع العالم بتحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري ما لم تتم محاربة هذه الآفات واجتثاثها من جذورها ومحاربة الفساد بشكل صريح؟

وثمة قضية مهمة جداً تتعلق بانعكاس هذه السياسات الاقتصادية على مستقبل الشباب الكويتيين ونوعية تعليمهم وخلق فرص عمل حقيقية لهم، ومجالات استثمار فعلية ليكون أبناء الوطن فعلا هم أول المستفيدين من كل هذه التحولات المنتظرة التي هي أشبه بالأحلام والأمنيات.

وأخيراً فإن تحويل هذه المشاريع الاقتصادية الكبرى إلى واقع يحتاج إلى استقرار سياسي داخلي، وحكومة كفؤة وقادرة، ومجلس تشريعي فعال، وهي ثلاث قواعد لا يمكن تحقيق أي نجاح بدونها، مع ضمان استمرارية هذه الرؤية وارتباطها بمشروع وطني دائم يفرح به ويدعمه كل كويتي مخلص لوطنه، وللحديث بقية.

والله الموفق.

إضاءة تاريخية: ‏

1985-7-11 تفجير المقاهي الشعبية في الكويت بشرق والسالمية، ووفاة 8 وجرح 88 في أحد أكبر الأعمال الإرهابية داخل البلاد في الثمانينيات.