يقال، وليس كل ما يقال صحيحاً وسيتحقق، إن قمة هلسنكي، التي ستعقد في 16 يوليو الجاري، بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ستتم فيها مناقشة مقايضة إنهاء وجود الأميركيين في قاعدة "التنف"، شرق سورية، بالوجود الإيراني، بما في ذلك القواعد العسكرية والميليشيات، في هذا البلد العربي، الذي غدا من الناحية العملية محتلاً من قبل إيران، وبات فيه بقاء نظام بشار الأسد مرتبطاً بهذا الوجود، مما لا يشير فقط بل يؤكد أن هذا لن يحصل إطلاقاً، وحتى إن عقدت هاتان الدولتان "العظميان" ليس قمة واحدة وإنما ألف قمة!

وعلى افتراض أن هذا الذي يشار إليه آنفاً صحيح، وأن الإسرائيليين يقفون وراءه، وأنهم سيشاركون في قمة هلسنكي هذه، ليس بحضورهم وإنما بالاتفاقات السابقة التي عقدوها مع الأميركيين ومع الروس، وكانت الضوء الأخضر الذي منحته لهذه الحملة الأخيرة التي استهدفت وجود ونفوذ الجيش السوري الحر، وسيطرة المعارضة السورية على منطقة درعا، وبعض مناطق حوران، والتي قد تستهدف بعض مناطق القنيطرة أيضاً في هضبة الجولان، فإن السؤال هنا: هل ستقبل إيران هذا يا ترى، حتى إذا كان نظام بشار الأسد، الذي أصبح مجرد شاهد زور، وافق عليه؟!

Ad

إن إيران تعرف معرفة تامة، ويعرف معها هذا النظام البائس في دمشق، أن خروجها من سورية سيعني، ومهما جرى تحسينه، خروجها من العراق، وانتهاء تمددها في هذه المنطقة كلها، ولن يكون هناك بقاء لا لـ"الحوثيين" في اليمن، ولا لحسن نصرالله وحزبه، ولا للحشد الشعبي في بلاد النهرين، وأن المعادلات الحالية في الشرق الأوسط ستتغير، وستنقلب رأساً على عقب، مما يطرح، وقد بقيت هناك أيام قليلة أمام انعقاد قمة هلسنكي، سؤالاً واحداً هو: هل الولايات المتحدة غدت جادة في التعاطي مع هذا الصراع يا ترى؟ ثم وإن هي أصبحت جادة فهل لديها القدرة لتفرض ما تريده وتسعى إليه على بوتين، الذي من الواضح أن لديه قناعة بأنه إمبراطور نصف الكرة الأرضية إن ليس كلها...؟!

وحقيقة، ومع أن الحقائق وليس كل المؤشرات فقط تدل على أن هناك "لعبة أمم" جديدة، إن ليس في العالم بأسره ففي هذا الشرق الأوسط التعيس والمنكوب، فإن لعبة الأمم هذه ستأخذ العديد من الأرقام الصغيرة في هذه المنطقة الملتهبة... وهذا يعني أنه ستتضاعف الأخطار التي ستواجهها القضية الفلسطينية طالما أن من الواضح أن بنيامين نتنياهو هو أحد لاعبي هذه اللعبة الرئيسية، وأن العرب بالنسبة لهذا الذي يجري كله عيونهم بصيرة لكن أيديهم قصيرة... وأن "المتشاطرين"! من بينهم سيخرجون من هذا المولد بلا حمص والأيام قادمة... وإن غداً لناظره قريب!

وهكذا وفي النهاية فإن الخوف كل الخوف هو أن لعبة الأمم الجديدة هذه ستكرس الإيرانيين في سورية وفي المنطقة كلها، وأن حصة الإسرائيليين ستكون الاعتراف بـ"ضمهم" لهضبة الجولان المحتلة، وبأن تكون يدهم مقابل اليد الإيرانية مطلقة في المنطقة كلها، وأن فكرة أو مؤامرة، على الأصح، أن لا دولة فلسطينية إلا في غزة سيتم تجسيدها، مما يعني أنه ستكون لدولة الملالي حصة مجزية في هذه اللعبة إن هي تمت بالفعل، وإن هي لم تكن مجرد قنبلة دخانية لحل بعض القضايا الرئيسية العالقة بين الأميركيين والروس، ومن بينها قضية أوكرانيا ومنطقة القرم، وقضايا أخرى خاصة في البحر الأبيض المتوسط وشواطئه، وفي مقدمتها الشواطئ السورية!