لقد وقعت أحداث، وحدثت متغيرات في هذه المرحلة التي نعيشها، وإذا كنا نتفق على أن وثائق هذه الأحداث ستظهر لاحقاً، وأنه في الإمكان كتابة تاريخ بعض الوقائع والملامح العامة، فإن المشكلة أمامنا هي التاريخ السياسي كيف تكتبه وأنت شاهد عيان على أحداثه؟

لعل المعوقات تشمل الآتي:

Ad

1- ازدحام المرحلة بالأحداث، التي تشمل الصراع والحروب الأهلية، والتدخل الخارجي الإقليمي والدولي، والتطرف بكل أنواعه، والتخلف والفساد، وهو كثير وكبير لا تستطيع حمله الجمال.

2- وجود أنظمة دكتاتورية قمعية لا تؤمن بالتعددية الديمقراطية.

3- متغيرات تاريخية مفاجئة، وصراع الأضداد من حولنا.

4- زخم إعلامي يدّعي أغلبه أنه يملك الحقيقة، ويقدمها للناس، وهي ليست كذلك، خصوضا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي!

5- ضعف واضطراب معلومات مصادر الأحداث، وبعضها يفتقد المصداقية في نقل المعلومة أو تحليلها.

6- تتسم المرحلة بالشخصانية والمبالغة المفرطة أحياناً، مما يجعل الأمر صعباً بالنسبة إلى المؤرخ الموضوعي والعقلاني، ولما تكون السياسة متغيرة، والكتابة فيها كذلك، فكتابة التاريخ مختلفة لأنها ثابتة وموثقة مهما تغيرت الأحوال.

نعم إن المشكلة كذلك بالنسبة إلى كتابة أحداث حقب ماضية، بمنهجية وعلمية وعقلانية تثير خلافاً، ويجد المتعامل معها صعوبة في كتابتها بيد أن التعامل مع التاريخ المعاصر أكثر صعوبة، والذي يؤثر السلامة يبتعد عنها، لكننا غارقون فيها ونريد توصيل رسالتنا إلى الناس، بيد أن ما ينبغي لفت الأنظار إليه هو: الذي يكتب عن الماضي البعيد ليس كمن يكتب عن الماضي القريب المتصل بالحاضر.

وكاتب هذه الأسطر يعاني هذه الأزمة، لكنه كلما وجد ثقباً فيه بصيص نور أطل منه، وقال رأيه وذلك متاح مهماً ادلهمت الخطوب، وقد عاش غيرنا ربما ظروفاً أصعب، لكن معاناتنا تشمل القلق النفسي والاضطراب الذهني خوفاً من المجهول، لكننا سنستمر في الكتابة.