الكثير منا كان يعتقد أن "الشليتي" هو الرجل المتسكع في الشوارع والعاطل عن العمل، وأن "السرسري" هو الفاسد أخلاقياً دون أن نعلم حقيقة تلك المسميات التي كانت دارجة زمن الدولة العثمانية.

فـ"الشليتي" هو اسم أطلق على موظفين عينتهم الحكومة العثمانية ليقوموا بمراقبة الأسعار في الأسواق، ويتأكدوا من عدم تلاعب التجار بها، لكن مع مرور الوقت بدأ هذا "الشليتي" يأخذ الرشا من التجار، ويغض البصر عن تلاعبهم بالأسعار، فشكاه المواطنون، وعيَّنت الحكومة العثمانية موظفاً جديداً سمَّته "السرسري"، ومهمته مراقبة "الشليتية"، والتأكد من قيامهم بعملهم ونزاهتهم في أداء واجبهم، لكن العدوى انتقلت إلى "السرسري" وبدأ بأخذ الرشا أيضاً من التجار، ويغض الطرف عنهم فأصبح كلا اللفظين يطلق على الفاسدين.

Ad

يا ترى كم "شليتي وسرسري" لدينا بعد أن أعلنت الحكومة استياءها من الفساد وانتشاره؟ وعلى من تنطبق تلك المسميات في وقتنا الحاضر؟

فالرقابة لدينا تتمثل بنواب الأمة، حيث منحهم الدستور حق الرقابة والمحاسبة، الأمر الذي جعلنا نستغرب عدم استخدامهم ذلك الحق بالصورة الصحيحة التي أنيطت بهم دستورياً، وبما أن الفساد في ازدياد والناس تتحدث عنه وتقدم الأدلة على تورط الكثير من المسؤولين فإن النواب لا يحركون ساكناً، بل يتحلطمون عبر وسائل التواصل الاجتماعي حالهم حال المواطنين.

يعني بالعربي المشرمح:

لا "السرسري" نافع ولا "الشليتي" نافع، وأصبح الفساد شرعياً وبغطاء قانوني و"مشرعن"، حتى أن العقاب لم يطل فرداً فاسداً واحداً حتى يمكننا حين نسأل عن الفساد أن نتبجح بمعاقبة فاسد واحد، خصوصا أننا أصبحنا نخجل حين تقر الحكومة والمجلس بوجود الفساد دون معاقبة الفاسدين، وكأنهم من الجن، نرى أفعالهم ولا نراهم، فمتى يُعاقَب "السرسري" و"الشليتي" يا ترى؟!