صمت حكومي وصمت آخر مخجل من عدد كبير من نواب الأمة، الذين اقتدوا بالقرود الثلاثة "لا أسمع ولا أشاهد ولا أتكلم" في فضيحة الفساد بهيئة الزراعة، لماذا هذا التجاهل واللامبالاة؟ ومن يقف خلفكم وخاط أفواهكم؟ أو قال لكم "ميعوا" الموضوع، ودعوا الطاسة تضيع في تشتيت الانتباه، مثلما فعل بعض النواب حين تذرعوا بأنهم ينتظرون نتائج التحقيق في اللجنة التي شكلها "الوزير الجبري"، وكأن هذا الوزير خارج اللعبة ومحايد، ولا يدري عن أساس الفضيحة ومحاولة التستر عليها وعلى أبطالها!

لماذا تحاولون إخفاء الحقائق وسواد الوجه؟ ولماذا تمثلون علينا دور العبيط الذي لا يعلم ماذا يجري، ومن يكون اللاعب الكبير الذي يحرك الدمى من فوق خشبة مسرح العرائس؟! هناك تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في الحيازات الزراعية انتهي منه في أغسطس عام 2016 يذكر فيه ".. تقاعس المسؤولون بتلك الهيئة عن تزويد اللجنة بصور من المستندات التي يتطلبها التحقيق بحجة أن ذلك يخرج من حدود تكليف اللجنة...!"، هل هناك "بجاحة" وعين لا تستحي وتخجل أكثر من ذلك؟! ويضيف تقرير لجنة التحقيق البرلمانية والمتجاهل من الحكومة (حكومتك أنت يا سمو الرئيس) "... إن بعض المسؤولين في الهيئة المذكورة تربطهم علاقات شراكة مريبة بالشريك الرئيسي في الشركات الصورية التي أسست بقصد الاستيلاء بغير حق على حيازات زراعية وهو السيد م. ظ (ذكر اسمه بالكامل في تقرير اللجنة) الذي دفعهم إلى إعاقة عمل اللجنة... وذلك بالامتناع عن تزويدها بما تحت أيديهم من مستندات لقيامها بمهامها لطمس معالم ما اقترفوه من أفعال تشكل شبهة جرائم الاعتداء على المال العام..." أكرر عبارة "جرائم الاعتداء على المال العام".

Ad

وتضيف لجنة التحقيق البرلمانية، التي "طنشها" معظم نواب اليوم وحكومتهم الموقرة، وتوصي "أولاً: إيقاف كل من السادة التالية أسماؤهم عن العمل 1... 2، 3 (كل واحد منهم يشغل، بالسابق، منصباً قيادياً بهيئة الهباب والفساد واستغلال النفوذ) مع إيقاف تخصيص الحيازات الزراعية تحت أي مسمى...".

ولنكن منصفين تم إيقاف كل منهم عن العمل إلا "أحدهم" التي بدور(ها) كتبت للوزير الجبري كتاباً تستنجد به ليوقف محمد اليوسف عمل اللجنة التي شكلها الأخير لكشف التلاعب بالحيازات الزراعية... وبالفعل فزع لها السيد الوزير، وتدخل ليحل اللجنة ويجمد اختصاصات مهام محمد اليوسف!! يبقى هنا سؤال للنائب السابق عبدالله الطريجي: إذا كان ملف فساد الهيئة بيدك كما قلت في ندوة تلفزيونية... ماذا تنتظر كي يعلم الناس الحقيقة...؟ أيضاً أين هي هيئة مكافحة الفساد؟ ولماذا لم تحرك شكاوى وبلاغات للنيابة العامة...؟ دعونا نصدق وهماً ولو مرة واحدة بالعمر أن هناك مؤسسات تحد من فساد السلطة بالحد الأدنى ويمكن التعويل عليها.

أكثر من هذا الكم من صور الفساد واستغلال النفوذ والتربح من الوظيفة العامة ماذا تريدون يا نواب كي تتحركوا؟ أما الحكومة فلا نقول لها غير "غطيني يا صفية"... فقد نفضنا اليد منك... لا... نفضتها أنا من زمان... كفاية يا حكومة... كفاية يا سلطة، روائح الفساد خنقت أحلامنا (وأوهامنا) بالإصلاح، ودمرت مستقبل أطفالنا... يا خسارة وطن كان يوماً ما جميلاً فكيف أصبح الآن... فتأملوا ماذا صنع به المافيات وحماتها.