القرار الجديد للحكومة بحل مجلس إدارة جمعية الحرية، لا يخرج عن سياق نهج الدولة في محاربة أي نمو للمجتمع المدني، الذي يتناسق مع خيار الحكم والشعب عشية الاستقلال في عام 1961 بإنشاء دولة دستورية ديمقراطية ومدنية، وهو الخيار الذي تراجعت عنه السلطة فيما بعد، وحاربته بجميع السبل في مقابل تعزيز الإسلام السياسي والانتماءات الأخرى الاجتماعية والمناطقية وحتى الطبقية.

أما الحديث عن أن القانون 24 لسنة 1962 بشأن جمعيات النفع العام هو السبب في قرارات الحكومة تجاه النشاطات المدنية، فهو غير دقيق، لأن الحكومة تستطيع تكييف ما تشاء من أسباب لحل الجمعيات غير المرضي عنها، فهناك العديد من جمعيات النفع العام أعضاء في منظمات دولية، مثل جمعية الصحافيين والأطباء والمهندسين... إلخ، ولم تتخذ ضدها قرارات مماثلة، لكن القرار يبحث عن مسببات لخنق أي نشاط مدني، لأن خروج الكويتيين من انتماءات الطائفة والقبيلة والطبقة الاجتماعية لمصلحة المواطنة، سيمثل نقطة ضعف للحكومة تجاه السيطرة على خيوط تحريك المشهد السياسي والبرلماني.

Ad

القرار الحكومي بحل "الحرية" ارتبط بتصريح للنائب رياض العدساني، ومطالب سابقة له تجاه تلك الجمعية، بسبب أمر يتعلق بالتطاول على الدين الإسلامي كما يدعي، وهنا أستغرب من أداء حضرة النائب، فالنائب العدساني ومنذ دخوله البرلمان لديه معارك مفتوحة تشكل "كوكتيل" قضايا لا ينتهي وبدون سياق أو برنامج واضح له، فهو يضرب ذات اليمين واليسار، وهو أداء برلماني عشوائي مستفحل في الحياة البرلمانية الكويتية.

النائب العدساني له مواقف تعارض وتنتقد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، وقدم له استجوابات، ويعتبر أداؤه غير مناسب، وفي نفس الوقت يصوت بالثقة لوزراء اختارهم المبارك في حكومته غير المقتنع بأدائها بل ويدافع عنهم!... وفي قضية قروب الفنطاس وسحب الجناسي وغيرها من القضايا كان العدساني يشدد على احترام قرار القضاء وانتظار أحكامه بينما في قضية جمعية الحرية لا يطالب بالإحالة للقضاء وانتظار أحكامه بل يحرض الحكومة على اتخاذ عقوبات مجحفة ضد مؤسسات المجتمع المدني ونحرها دون اللجوء للقضاء!

هذا الأسلوب من الأداء البرلماني "الكوكتيلي" منتشر في الكويت، فاستجوابات هنا وهناك دون نهج أو رؤية أو برنامج من أجل زيادة الانتشار الشعبي، وتبني قضية دينية لكي تجمع كم صوت من المحافظين في الدائرة دون هدف آخر، بينما الحكومة ستكون أسعد ما يكون من نمط نواب الأداء العشوائي الذي لا يحافظ على مسطرة واحدة في أدائه مرجعها الدستور والقوانين، ويتقلب في توجهاته، ويحرضها على التطرف في أدائها ضد من يمثل تهديداً لها في تغيير نمط المجتمع المشتت لولاءاته المختلفة لمصلحة الدولة المدنية الدستورية... فهنيئاً لك إنجازك يا حضرة النائب!