أكتب هذه المقالة قبل أيام من فض دور الانعقاد لمجلس الأمة، وهو موسم مناقشة الميزانية العامة للدولة، واطلاع البرلمان على الحالة المالية للبلد، والتي عبر مجلس الوزراء، في اجتماعه الأخير، عن ارتياحه تجاه احتياطيات الدولة المالية واستثماراتها المحلية والدولية، لكن هل ستشهد مناقشات الميزانية للعام الحالي تغييراً يجعلنا ندخل عصر المناقشات الفنية للأرقام ومدلولاتها الاقتصادية أم سيستمر الوضع على ما هو عليه بأنها جلسة بروتوكولية لفض دور الانعقاد وبداية العطلة الصيفية للسلطتين التشريعية والتنفيذية؟

هناك بعض المدلولات في أرقام الميزانية خطيرة وهامة، فمثلاً ما يوجه من المصروفات الرأسمالية من الموازنة، التي تقارب 4 مليارات دينار، يذهب منها فقط 2 في المئة إلى قطاع التربية والتعليم العالي، بينما تخصص نسبة متواضعة جداً لا تزيد على 10 في المئة إلى الرعاية الصحية! وهي بالطبع نسب متواضعة جداً، كما أن المبالغ الضخمة في الباب الرابع المخصصة للمشاريع لم تراجع فيها كلفة المناقصات وقيمتها المرتفعة مقارنة بالدول المجاورة.

Ad

وعلى جانب الاقتراحات والقوانين المتعلقة بزيادة إيرادات الدولة وإنعاش الاقتصاد، فبقدرة قادر اختفت من على جدول أعمال مجلس الأمة، أو غيب بين بنودها مقترح فرض ضريبة على تحويلات الأجانب المالية للخارج، بعد أن انتهت اللجنة المالية البرلمانية من إقراره ورفعه للمجلس، وذلك على لسان رئيس اللجنة النائب صلاح خورشيد منذ أشهر، بينما مقترح تعديل قانون المناقصات العامة لتصبح المناقصات، التي تفوق 5 ملايين دينار، مقصورة على الشركات المدرجة في البورصة، وهو ما سينعش سوق الأوراق المالية الكويتي، ويجعله في الصدارة أيضاً، تائه بين اللجان البرلمانية.

السؤال: ما تلك الأيادي الخفية التي تغيب المقترحات والقوانين الهامة وتجعلها كالسراب بين ردهات اللجان، وصفحات جدول أعمال مجلس الأمة حتى ينتهي عمر المجلس وترحل للمجلس الذي بعده، والذي بعده، والذي بعده، ونعيش في دوامة التسويف وهدر وقت ثمين على البلد لتصحيح أوضاعه المالية والاقتصادية؟

وإلى متى ستظل مناقشة الميزانية العامة للدولة جلسة بروتوكولية لتدشين العطلة البرلمانية، بينما البرلمانات تأخذ من فترة بحث موازنة الدولة فرصة لإقرار قوانين اقتصادية مهمة ترافق إصدار الموازنة العامة... فهل يطالب نواب الأمة هذا الموسم بأن ترافق مناقشة الموازنة العامة بحث الاقتراحات بقوانين الاقتصادية المدرجة على جدول الأعمال، حتى ندشن عهداً جديداً من بحث إيراداتنا ومصاريفنا كل عام؟!