اتحد مشجعو المنتخبين الايسلندي والنيجيري عندما تواجه المنتخبان في مونديال روسيا 2018، فوق أنقاض ستالينغراد، المدينة الشهيرة التي بات اسمها فولغوغراد، لبعث رسالة سلام وتكريم لمليوني شخص سقطوا فيها قبل 65 عاما.

بدأت ألمانيا النازية اجتياحها لروسيا قبل 77 عاما بالتمام والكمال، في 22 يونيو 1941، قبل أن تصطدم بمقاومة شرسة أوقفت تقدمها بستالينغراد في فبراير 1943.

Ad

ذكرى الحرب العالمية الثانية موجودة باستمرار في فولغوغراد، التي يطل عليها تمثال عملاق من 85 مترا مهدى لمعركة ستالينغراد، التي تعتبر الأكثر دموية في التاريخ، بعدما حصدت ميلوني ضحية من الجيشين السوفياتي والنازي والمدنيين خلال ستة أشهر من المعارك الضارية.

وفي 1961، بعد أعوام من وفاة الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، غيرت مدينة ستالينغراد اسمها، لتصبح فولغوغراد، نسبة لنهر الفولغا الذي يعبرها.

تخلت المدينة عن «عبادة الشخص»، التي أحاطت بستالين، فيما كانت المدينة تولد من الرماد ومن القصف العنيف الذي دمرها بالكامل.

جثتا جنديين

تبقى الحرب الطابع الذي يميز فولغوغراد. وترافق بناء ملعبها، الذي يتسع لـ 45 ألف متفرج مع عمليات حفر جديدة أدت إلى اكتشاف جثتي جنديين وأكثر من 20 قنبلة لم تنفجر. لم يكن ذلك مفاجئا: أي مشروع عمراني في فولغوغراد ترافقه عملية اكتشاف بقايا بشرية وذخيرة. تم بناء الملعب عند أسفل تلة ماماييف كورغان الاستراتيجية التي كانت مسرحا لأشرس المعارك بين الجيوش السوفياتية والقوات النازية، وأقيم عليها نصب تذكاري.

هو بالنسبة إلى المشجع الايسلندي هيدار غوديونسون «تاريخ حقيقي»، وفق ما قال لوكالة فرانس وهو يصعد الدرجات الـ 200 التي توصله إلى تمثال «الوطن الأم ينادي».

وتابع: «إنه أمر صادم، وهذا النصب هو شيء آخر. إنه دراماتيكي للغاية. إنه مثير للإلهام، ويترك حقا تأثيره عليك»، معتبرا أن «تاريخ الحرب العالمية الثانية هنا هو أحد أهم أجزاء القرن العشرين في أوروبا. كان بالتأكيد عاملا في مجيئنا إلى هنا».

أما مواطنه فينور إينارسون، فكشف: «مددنا إقامتنا هنا لليلتين عندما أدركنا أنها ستالينغراد»، مضيفا: «يصعب أن تستوعب أن خمسة أو ستة أضعاف تعداد سكان بلدنا سقطوا في هذه المدينة وحدها في غضون ستة أشهر فقط».

وواصل: «لا يمكن أن نفهم حقا حجم ذلك. الخطة كانت أن نأتي بالأمس للبقاء يوما واحدا، لكننا متحمسون، لأننا على الأرجح لن نرى فولغوغراد مرة أخرى، وبالتالي الحصول على ما يكفي من الوقت لرؤية المتحف والمعالم وكل شيء آخر، كان الأمر يستحق العناء بالتأكيد».

الشعور بالتاريخ

مشجعو نيجيريا كانوا يصعدون أيضا تحت الشمس الحارقة الدرجات الـ 200 المؤدية إلى النصب التذكاري، وقد غمرهم نفس الشعور بالتاريخ. وكشف المشجع النيجيري سلمان: «سمعنا أن هذا هو المكان الذي وقعت فيه الحرب العالمية الثانية. إنه جميل. لم أظن أبدا أن روسيا ستكون كذلك قبل مجيئي. الآن، رأيت جوهر كرة القدم. لقد وحدتنا جميعا».

الاثنين، صباح يوم المباراة الأولى لإنكلترا ضد تونس (2-1) في فولغوغراد، قامت ليندساي سكول، نائبة السفير البريطاني في روسيا، وغريغ كلارك، رئيس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، بوضع إكليل من الزهور لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لمعركة ستالينغراد.

وقالت سكول: «أعتقد أن هذا الأمر يظهر أكثر من أي شيء آخر أن الطبيعة الدائمة للعلاقة بين المملكة المتحدة وفولغوغراد تفوق أي تأرجح سياسي»، في إشارة إلى توتر العلاقة بين روسيا وحليفتها في الحرب العالمية الثانية إنكلترا على خلفية تسميم عميل مزدوج سابق وابنته بغاز الأعصاب في سالزبري بإنكلترا في 4 مارس.