يدخل الأستاذ عاتب، فيسود الصمت فجأة، ثم يجلس على كرسيه، ويقابل عددا قليلا من الطلبة، كان يستغرق وقتاً مبالغاً فيه لكي يصل إلى كرسيه، ثم يبحث في أوراقه التي دائماً ما تكون مبعثرة، ثم يقرأ أسماءنا بصوت غليظ، ويأخذ أيضاً وقتاً مبالغاً فيه لينتهي من قراءة أسمائنا، لأنه لا يكف عن التعليق على كل اسم، وكأنه لا يريد أن يتأكد من الحضور فحسب، بل يريد أن يوحي لنا بأن أسماءنا لا تناسبنا، وكأنه كان لنا دخل في اختيارها.

يبدأ محاضرته باللعن على اليهود والنصارى، ثم يبدأ بالحديث حول المخطط الصهيوني، وبعد ذلك تبدأ فقرة المقارنات بيننا وبينهم، وكأننا شيء، شيء يمكن أن نقارن بشيء آخر، بالفعل لقد شعرت أننا شيء كالولايات المتحدة أو الصين على أقل تقدير، فالكل يبحث عن إفساد أخلاقنا التي كان يصفها الأستاذ عاتب بالعظيمة التي لن يصل إليها اليهود والنصارى مهما تقدموا في العلم أو تطوروا في المعرفة، كان يقول إن العرب يملكون أخلاقاً وصفات وأمانة لا يمكن للعلم أو المعرفة أو المختبرات والتجارب أن تجلبها لأكلة الخنازير مهما حاولوا.

Ad

يُخبرنا الأستاذ عاتب أنهم تطوروا كثيراً علمياً، لكنهم قفزوا على ما يسبق العلم والبحث، فقد تخطوا ذواتهم وأهملوها، لقد فقدوا إنسانيتهم وفضلوا عليها الآلة، لقد وصفهم بالآلات التي تعمل تلقائياً، فالمصالح هي التي تقودهم والمنفعة وحدها هي التي توجههم.

لم يُعلمنا الأستاذ عاتب من عِلمه الذي تعلمه في إحدى الولايات الأميركية شيئاً، فقد أهدر كل ساعات المحاضرات في الحديث نفسه بشكل يومي، وكأنه شريط يعاد من تلقاء نفسه.

في نهاية الفصل اللادراسي أعطى الأستاذ عاتب علامة مرتفعة جداً لكل من جلب له "واسطة".