بدفئه وشمسه الساطعة، يشكل ساحل البحر الأسود الروسي الملاذ المثالي للمنتخبات الاسكندنافية الثلاثة المشاركة في مونديال 2018.

على بعد حوالي 1500 كيلومتر من العاصمة موسكو، أصبح الساحل الذي يطلق عليه "الريفييرا الروسية"، "موطن" الاسكندنافيين بعيداً عن بلادهم بعدما اختاره الآيسلنديون والسويديون والدنماركيون مركز انتقالهم إلى الملاعب الروسية لخوض مبارياتهم في الحدث الكروي الأهم.

Ad

ويوضح مساعد مدرب المنتخب الآيسلندي هيلغي كولفيدسون لوكالة فرانس برس: "كنا نتطلع بفارغ الصبر للوصول إلى هنا، لأنه حتى في شهر مايو ما زلنا مضطرين لإزالة الثلج عن السيارات والملاعب في بلدنا".

وحجز المنتخبان الدنماركي والسويدي أيضاً مقريهما على ساحل البحر الأسود، الذي يستحق ان يطلق عليه "الريفييرا الروسية"، تيمناً بالريفييرا الفرنسية، بفضل مياهه الزرقاء ومجموعة منتجعاته التي تعانق التلال الغربية لسلسلة جبال القوقاز.

وتابع كولفيدسون، الذي يستخدم دراجة هوائية للذهاب إلى الحصص التمرينية في منتجع كاباردينكا، "بعد مباراتنا ضد الأرجنتين (تعادلا السبت 1-1) في موسكو الباردة، كنا سعداء بالعودة مجدداً إلى (منزلنا)".

"منزل" المنتخب الاسكندنافي الصغير الذي حقق مفاجأة كبرى في مباراته الأولى باجبار ليونيل ميسي ورفاقه على الاكتفاء بالتعادل (1-1)، هو فندق معزول يبعد 5 دقائق بالدراجة عن الملعب إلى جانب التلال المغطاة بأشجار الصنوبر والمجمعات الصحية التي تعود للحقبة السوفياتية.

على طول الواجهة البحرية، يتجول السياح الروس على الشاطئ الصخري، ويستمتعون بوجبات خفيفة من المأكولات القوقازية على غرار "شاشليك"، وهي كناية عن مكعبات مشوية من اللحم، أو "شيبوريكي"، المعجنات المحشوة المقلية.

لكن بعيداً عن الصور التي نشرت على صفحة البلدة على إنستغرام وتظهر قائد آيسلندا الملتحي آرون غونارسون يستمتع في ميدان الرماية، لم يشاهد المحليون الكثير من الضيوف الاسكندنافيين.

ويؤكد لاعب وسط السويد غوستاف سفنسون لفرانس برس من مقر المنتخب في غيليندجيك، التي تبعد 10 كيلومترات من كاباردينكا، "نعيش كلياً في الفندق، بعيداً عن الواقع".

واستقطبت الحصص التمرينية المفتوحة أمام العموم بعد وصول المنتخبات الاسكندنافية عدداً كبيراً من السكان المحليين المتحمسين، وأولئك، الذين كانوا غير قادرين على بلوغ الملاعب، وقفوا على الشرفات لمتابعة ما يجري.

في غيليندجيك، تجمع الناس على تلة تطل على الملعب لرؤية السويديين عن كثب. سيرغي فلاديميروفيتش، لاعب كرة القدم شبه المحترف مع ناد من غيليندجيك، اعتبر خلال متابعته حصة تمرينية لآيسلندا أنه "من الجيد أن يرى الأطفال على وجه الخصوص كأس العالم عن كثب، قد يلهمهم هذا الأمر".

على جانب الطرق، تتوزع لافتات "روسيا 2018" مع صور للاسكندنافيين الذين جعلوا من البلدة مدينة مضيفة لكأس العالم، لكن في أماكن أخرى لا توجد سوى إشارات قليلة تدل على وجودهم. شاشة زهرية بألوان دنماركية تدل على ملعب التمارين الخاص بالدنمارك، لكن في كاباردينكا، لا يمكن ملاحظة سوى علم آيسلندي وحيد خارج حانة.

ويوضح النادل سيرغي ايفانوف (23 عاماً) "لا يزورنا في هذه المنتجعات سوى الروس"، مضيفاً: "لا أعتقد أن الناس يعرفون تماماً كيف يتصرفون مع الأجانب".

وفي علامة على توقع السلطات تدفق السياح الأجانب، قال سكان محليون لفرانس برس، إن اللافتات الكبيرة المكتوب عليها "روسيا 2018" والمرفوعة أمام ملعب تمارين أيسلندا تخفي وراءها واجهات متاجر متوقفة عن العمل.

وقال أحد موظفي الاستقبال في الفندق، مفضلاً عدم ذكر اسمه، "ربما اعتقدوا أن (برفعهم اللافتات الكبيرة) لن يلحظ الزوار قباحة المتاجر. سيفتحون أبوابهم مجدداً ما أن يرحل منتخب آيسلندا".

لكن المشجعين الزائرين تأثروا بالمسافات الهائلة، بما أن أقرب ملعب لمقر الآيسلنديين يقع في روستوف على بعد 500 كلم من "منزل" الاسكندنافيين على "الريفييرا الروسية"، فلم يتكبدوا مشقة السفر للتهافت على مقرات منتخباتهم.

وتؤكد ألينا، وهي طالبة متطوعة في الثامنة عشرة من عمرها في أحد مراكز المعلومات في كاباردينكا، "لم يأت أحد".

في غضون ذلك، يشكو المحليون من أن الفنادق والمطاعم التي توقعت زيادة كبيرة في أعداد النزلاء، قد رفعت الأسعار. وتوضح ألينا التي عاشت في البلدة طوال حياتها، "لا أستطيع تحمل ثمن البوظة هذا العام".

لكن رغم أن حمى كأس العالم لم تجتح البحر الأسود، إلا أن الروس ما زالوا سعداء بقدوم الثلاثي الاسكندنافي، بحسب ألينا التي تقول "لم يكن لدينا هنا من قبل أي شيء مثل كأس العالم، من الجيد أن نكون جزءاً من ذلك".