رغم إنجاز لجنة حماية الأموال العامة البرلمانية تقريرها الخاص بالمخالفات المالية والإدارية، المتعلقة بوزارة الإعلام والجهات التابعة لها، التي وردت في استجواب وزير الإعلام الاسبق الشيخ سلمان الحمود، وموافقة المجلس عليه وإحالته إلى الحكومة، فإن ما تضمنه التقرير من «بلاوي» يجب التوقف عنده كثيرا، وعدم إغلاق ملفه.

أهم الملفات التي يجب معالجتها هو تعيينات المستشارين الوافدين، فعلى عكس موجة «الترشيد» الحكومية تسبح وزارة الإعلام، وتعطي الوافدين رواتب خيالية، كلها مدونة في تقرير اللجنة، الذي يجب أن يكون درسا لها وللوزارات الأخرى.

Ad

«الجريدة» تفتح الملف من جديد، وتكشف التجاوزات الكبيرة في التعيينات على بند «عقد المتعاونين مع الوزارة من ذوي الاختصاصات العالية والنادرة»، سواء في الأرقام الفلكية التي يحصلون عليها أو من حيث استضافتهم في الكويت وهم متواجدون خارجها، أو الشهادات المضروبة التي قدمها بعضهم، وتعيين أشقاء، والجمع بين أكثر من وظيفة، وأخيرا عدم تناسب مؤهلاتهم مع تعيينهم في تلك الوظائف.

كشف تقرير لجنة حماية الأموال العامة البرلمانية، الخاص بالمخالفات المالية والإدارية، المتعلقة بوزارة الإعلام والجهات التابعة لها، التي وردت في استجواب وزير الإعلام الأسبق الشيخ سلمان الحمود، الكثير من التجاوزات، أبرزها ما يختص بتعيينات المستشارين الوافدين بأرقام فلكية، إضافة إلى عدم تناسب مؤهلاتهم العلمية مع تخصصاتهم.

وتسلمت لجنة حماية الاموال العامة، بناء على طلبها، كل المستندات المتعلقة بالتعاقد مع المستشارين غير الكويتيين من وزارة الاعلام خلال فترة عمل الوزير السابق، من بينها صور لعدة عقود مبرمة مع مستشار (مصري الجنسية) تم تعيينه خبير علاقات عامة، كل عقد مدته ستة أشهر، الاول بتاريخ 1/11/2014 والثاني 29/4/2015 والثالث 1/11/2015 والرابع 1/5/2016 بمكافأة شهرية مقطوعة قدرها 4 آلاف دينار، وكل عقد مبرم تحت عنوان "عقد المتعاونين مع الوزارة من ذوي الاختصاصات العالية والنادرة".

وورد في بيان سيرته الذاتية انه يعمل بوظيفة استاذ الاعلام بكلية الاعلام بجامعة القاهرة، وكان عميدا لها، وعمل مستشارا للتسويق الاجتماعي للديوان الاميري بالكويت من 1992 حتى 1994، للتعامل مع أزمات ما بعد الحرب والمشاركة في التدريس والتطوير للمقررات العلمية لقسم الإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة من 1990 حتى 1992، ومستشار التسويق والعلاقات العامة لعدة مؤسسات إعلامية عربية، وله أنشطة أكاديمية وخدمية ودراسات أكاديمية ومؤلفات علمية.

الضيافة العامة

ومن الإنجازات التي قام بها نتيجة التعاقد تقرير يتضمن دراسة تحليلية مقارنة لتلفزيون الكويت مع القنوات الرسمية، واطلعت اللجنة على خطاب الخبير من الوزارة الى ادارة الضيافة العامة والمؤتمرات في وزارة المالية بتاريخ 21/9/2014، تفيد استضافته بتاريخ 28/9/2014 وتاريخ المغادرة 1/10/2014 مما مفاده انه لا يمكث في الكويت سوى يومين فقط في الشهر.

على نفقة الدولة

ويقيم في الكويت على نفقة الدولة على خلاف ما ورد في خطاب المذكور للوزير السابق من أنه يقيم في الكويت أسبوعين من كل شهر وعلى نفقته الخاصة، وتبين ان التاريخ الخاص بالضيافة يشير الى عقد آخر يسبق عقد 1/11/2014، لم ترسله الوزارة للجنة، وان ذلك يؤكد أن القطاع المالي والإداري في وزارة الإعلام حجب عن اللجنة معظم المستندات المتعلقة بعقود المستشارين وإقامتهم وتذاكر سفرهم وتكاليف تنقلاتهم داخل الكويت، خاصة أن العقد مدون به أن هذا المستشار متعاقد معه بوظيفة خبير علاقات عامة وتسويق اجتماعي، وانه يتلقى راتبا شهريا، مما يلزم تواجده الدائم داخل الكويت على خلاف ما ثبت من الاوراق.

وورد بالاستجواب أنه تم تعيين مستشار إعلامي لبناني الجنسية، والذي لا تعرف مؤهلاته العلمية، فتارة يقال ماجستير في القانون، وتارة اخرى يقال إن معه دكتوراه، ويقال انه خبير اداري بجمعية لبنانية تسمى "سكر الدكان"، وانه يعمل بمجلس الامة الآن باللجنة الصحية الوارد لها من وزارة الاعلام، بناء على طلب اللجنة.

الشهادات الخاصة

وقامت لجنة حماية الأموال العامة بالاطلاع على صور الشهادات الخاصة بالمذكور الواردة لها من وزارة الإعلام، بناء على طلب اللجنة، فتبين أن منها صورة لشهادة إجازة في الحقوق العامة حاصل عليها من جامعة الروح القدس (الكسليك- لبنان)، وهي جامعة لاهوتية صادرة في 18/4/1997 وموقعة من 3 قساوسة وبعض الشهادات الخاصة بحضور دورات تدريبية، وورش العمل بباريس والصين، وشهادة تقدير.

وأرسلت وزارة الإعلام سيرة ذاتية للمذكور باللغتين العربية والإنكليزية تبين من أسلوب كتابتها أنها محررة حديثاً بمعرفة المذكور شخصياً، والدليل انه أثبت فيها تحت العنوان الخبرات العملية بأنه كان يعمل مستشاراً في وزارة الإعلام، ووزارة الدولة لشؤون الشباب الكويتية 2013/2014، ومن ثم لم تقدم من المذكور عند التحاقه بالعمل بالإعلام انما طلبت منه خصيصاً لتقديمها الى لجنة حماية الأموال العامة، وبالتالي لم تكن تحت يد الوزارة وقت ان طلبتها اللجنة منها.

استجواب الحمود

وثابت بهذه السيرة الذاتية انه يعمل بوزارتي الإعلام والدولة لشؤون الشباب في آن واحد، وهو ما يؤكد صحة ماورد في الاستجواب في هذا الخصوص، وقد ورد بالسيرة انه حاصل على شهادة الماجستير في القانون العام من جامعة بواتييه عام 1997، أي في نفس العام الذي حصل فيه على شهادة الحقوق العامة من جامعة "الروح القدس"، وماجستير في حقوق الإنسان من جامعة باريس العاشرة نانتير في سنة 1998، ولم ترد صورتا هاتين الشهادتين ضمن صور الشهادات العلمية المرسلة من وزارة الإعلام الى اللجنة، والتي سبق أن اشرنا اليها، فضلا عن تداخل تاريخي هاتين الشهادتين مع تواريخ الشهادات السابق الإشارة إليها، مما يشكك في صحتها جميعاً.

وتبين من صورة العقد المبرم معه بوزارة الإعلام انه "خبير إعلامي" تحت بند عقد المتعاونين ذوي الاختصاصات العالية والنادرة، رغم أن سيرته الذاتية لا يوجد فيها ما يثبت توليه اي وظيفة مهنية في المجال الإعلامي بأي وسيلة اعلامية، وان باقي الاعمال ذات طبيعة تطوعية في جمعيات نفع عام، واستشارية لحزب سياسي تونسي، وأحد المرشحين في الانتخابات الرئاسية اللبنانية، فضلا عن العمل في شركة "امباكت بورتر نوفييلي" في أبوظبي عام 2008 دون وجود توصيف للوظيفة، وطبيعة عمل الشركة، وشهادة تفيد بالتحاقه بالعمل في الشركة.

وثابت في العقد انه يعمل بمكافأة شهرية مقطوعة قدرها 3500 دينار وان مدة العقد سنة من 3/3/2013 حتى 28/2/2014، وان سيرته الذاتية لا تجيز التعاقد معه تحت عنوان التخصصات العالية والنادرة التي تنظمها المادة 166 من لائحة المتعاملين مع جهازي الإذاعة والتلفزيون.

نسخة طبق الأصل

ولاحظت اللجنة أن الأوراق التي طالعتها والمشار اليها غير معتمدة وغير موثقة من الجهات المعنية، وهي عبارة عن صور ضوئية وليست أصولا أو نسخ طبق الأصل، فضلا عن عدم وجود أي معادلة واعتماد رسمي من وزارتي التربية والتعليم العالي والخارجية في الكويت، وكذلك من الجهات المعنية بالتصديق والمعادلات في لبنان وفرنسا، وغيرها من الدول، وفقاً لقوانين العمل في الكويت.

وبالاستفسار عنه من فريق مكتب وزير الدولة لشؤون الشباب، أفادوا بأنهم لا يعلمون شيئا عنه ولا يعرفونه، وان كل معلوماتهم عنه انه يعمل في وزارة الإعلام.

لوائح المجلس

وذكر المستشار بذات الورقة المشار اليها انه شارك في وضع استراتيجية المجلس الوطني للثقافة والفانون والآداب، والمساهمة في وضع لوائح المجلس وتشكيل لجانه، وبالاستعلام عنه بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أفادوا بأنه لا علاقة له بأعمال المجلس، وان الاستراتيجية والخطط التشغيلية للمجلس عهد بها لأحد المكاتب الاستشارية المتخصصة، وهو مركز "كويست للاستشارات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية"، وأرسل المجلس إلى اللجنة صورة من عقد التطوير المؤرخ 29/5/2016، وكذلك صورة من عقد تنفيذ هيكلة الخطط الاستراتيجية والتشغيلية للمجلس مع نفس المركز سالف الذكر بتاريخ 21/7/2013.

كما تناول الاستجواب مسألة تعيين مستشار لنظم المعلومات، وتعيين آخر خبيراً بالقرصنة (هاكرز) بمبلغ 2500 دينار بخلاف مبلغ قدره 5000 دينار على سبيل الهبة، وتعيين مستشار بمبلغ 4000 دينار، ومستشارة وهي من النيابة الإدارية في مصر، رغم أن تقديرها في الليسانس "مقبول" حدد لها راتبا قدره 1500 دينار شهرياً رغم حداثة تخرجها بمسمى خبير قانوني.

موقع للدردشة

وتبين للجنة قيام الوكيل المساعد للبرامج السياسية والأخبار، حين كان مديراً للمكتب الفني باختيار وترشيح مستشارين للعمل من بينهم مستشار نظم معلومات من خلال موقع إلكتروني (لينكدإن Linked IN) وهو موقع لعرض السير الذاتية بعضها مجاني والبعض الآخر مقابل رسوم يتم عرض السيرة الذاتية على شكل إعلانات، وهو أيضاً موقع للدردشة بين المشتركين فيه، وإن الوزارة لم تتبع آلية عمل منهجي ومهني في التعيينات، مما يؤكد أن هذه التعيينات تمت بطرق غير قانونية ومخالفة للنظم والقواعد المعمول فيها من ديوان الخدمة المدنية وبأساليب التفافية.

الخدمة المدنية

وقد اعترض على تعيينه كل من ديوان الخدمة المدنية وديوان المحاسبة وان راتبه هو ومن على شاكلته لا يدخل المالية وتحرر بشأنهم عقود داخلية لا تخضع لديوان الخدمة المدنية لعدم قانونيتها، ورغم ذلك وقع عليها الوزير ومستشاراه، وكان احدهما يحضر اجتماعات قانون الإعلام الالكتروني وكل ذلك ينسحب على مستشار اخر الذي لا تُعرف له صفة، وأنه يعلم أن الذي أحضره الوكيل المساعد حين كان مديراً للمكتب الفني وقام الوزير بتعيينه، وكان يوجد مستشار آخر ليس لديه مسوغات تعيين وكان يفاوضه في المرتب وطلب 5000 دينار وكان وراء تعيينه بهذا المبلغ الوكيل المساعد، وكان المستشار يعمل من قبل في قناة "أوربت" مصور مقالات.

في النهاية، يبقى السؤال هل ستعالج الحكومة تلك التجاوزات الموجودة في الوزارات وتصحح الأوضاع؟ أم عمك أصمخ؟

لبناني... من «سكر الدكان» إلى مستشار بوزارتين

أفرد تقرير اللجنة مساحة كبيرة لتعيين لبناني الجنسية مستشاراً في وزارة الإعلام، إذ تبين لها أنه كان يعمل في ذات الوقت مستشاراً بوزارة الشباب، رغم أن مؤهلاته العلمية غير معروفة ومشكوك في صحة كل ما قدمه.

فتارة يقال ماجستير في القانون، وتارة أخرى يقال إن لديه دكتوراه، ويقال إنه خبير إداري بجمعية لبنانية تسمى "سكر الدكان"، وثابت في عقده مع "الإعلام" أنه كان يعمل بمكافأة شهرية مقطوعة قدرها 3500 دينار وان مدة العقد سنة، من 3/3/2013 حتى 28/2/2014، وأن سيرته الذاتية لا تجيز التعاقد معه تحت عنوان التخصصات العالية، كما أنه حصل على شهادتي القانون والماجستير في نفس العام 1996!!!

أبرز التجاوزات

• استضافة مستشار إعلامي على نفقة الدولة على خلاف ما ورد في خطاب الحمود

• السيرة الذاتية لمستشار لا تجيز التعاقد معه في التخصصات النادرة

• تعيين مستشار لنظم المعلومات وآخر خبيراً بالقرصنة (هاكرز) بمبلغ 2500 دينار إضافة إلى 5000 دينار على سبيل الهبة

• مستشار حضر اجتماعات قانون الإعلام الإلكتروني ولا تُعرف له صفة

وكل ذلك ينسحب على شخص آخر