أكاد أجزم أن هناك مظاهر معينة لا يمكن أن تجدها إلا في الكويت، وذلك لغرابتها ومخالفتها للمصلحة العامة، والغريب أن هذه المظاهر السياسية والاقتصادية التي تخالف التنمية تمر برعاية السلطتين وبضغط أو بصمت السلطة التشريعية التي يفترض أنها المسؤولة عن اكتشافها والقضاء عليها.

ففي الكويت فقط تمت زيادة أسعار الوقود على الأفراد في الوقت نفسه الذي تم فيه تخفيض الأسعار عن بعض الشركات التجارية التي تربح الملايين ولا توظف إلا عددا من الكويتيين لا يتجاوز عدد أصابع اليدين.

Ad

وفي الكويت فقط تنهمر الكوادر على فئات معدودة من الجهات الحكومية، فتصبح رواتب العاملين فيها أضعاف رواتب العاملين في جهات حكومية أخرى ممن يحملون الشهادات نفسها، ولا عزاء لتذمرهم وشكواهم.

وفي الكويت فقط دون العالمين تجمد القوانين التي تتقدم بها الحكومة في البرلمان في حين تمر القوانين التي يتقدم بها عضو مجلس الأمة بسرعة البرق، حتى لو أن هذا العضو نجح في انتخابات فرعية أو بفارق أصوات معدودة.

وفي الكويت فقط بلغت نسبة العمالة الوطنية في الحكومة نحو 80% من قوة العمل الفعلية، وهي نسبة لم تبلغها روسيا الشيوعية ولا الصين البروليتارية ولا كوبا الكاسترولية.

وفي الكويت فقط تصدر القوانين التي تحمّل الدولة مزيداً من المصروفات ولا تقر القوانين التي تجلب مزيداً من الإيرادات.

وفي الكويت فقط خلاف العالم بأسره تبلغ ميزانية الرواتب 55% من الميزانية العامة للدولة، وتبلغ ميزانية المواد المدعومة نحو 25% من الميزانية العامة.

وفي الكويت فقط تصدر القوانين ثم تستمر سنوات طويلة دون تنفيذ مثل قانون الخصخصة الذي صدر في عام 2010، وقانون حماية المنافسة الذي صدر في 2007، وقانون الوكالات التجارية الذي صدر في 2016، وقانون حماية المستهلك الذي صدر في 2014.

وفي الكويت فقط تصدر الخطط التنموية لتعديل التركيبة السكانية بالإجماع، ثم يصدر مجلس الأمة التشريعات التي تخالفها وتجعل تنفيذها من المستحيلات.

وفي الكويت فقط تنفق المليارات لبناء المستشفيات والمطارات وتخصص الأراضي للمشروعات الصناعية والخدمية والحرفية، ثم لا يعمل فيها إلا النزر اليسير من الكويتيين، وكأنها خصصت لتوظيف الوافدين!

وفي الكويت فقط يتم تعيين عضو مجلس الأمة نجح لأول مرة وليس له تجربة برلمانية سابقة وتجربته الوظيفية لا تتجاوز رئيس قسم، في وزارة فيها آلاف الموظفين ومئات رؤساء الأقسام يتم تعيينه وزيرا في الحكومة، وهو لا يفهم في القانون ولا الاقتصاد.

وفي الكويت فقط لا توجد في المجلس حتى الآن لجنة للقيم البرلمانية حتى بعد أن انكشفت قضية الإيداعات.

الخلاصة: لو كنت مكان الحكومة والمجلس لقصرت جميع الكوادر والزيادات على الحاجة الفعلية للبلد وللتخصصات المطلوبة لتشغيل المشاريع مثل المستشفيات والمطار، ولحصرت تخصيص الأراضي الصناعية والحرفية على الشباب من أصحاب المشاريع الصغيرة، وكذلك لقمت بربط المصروف في الميزانية العامة للدولة خصوصاً الدعومات بإصلاح آلية سوق العمل، وكذلك لعملت على توزير الكفاءات الذين يستطيعون زيادة إيرادات الدولة وتنفيذ القوانين المعطلة، وتمرير المجمد منها في المجلس، وإيقاف القوانين التي تدمر سوق العمل والتركيبة السكانية، ولأنشأت على الفور لجنة للقيم البرلمانية.

آخر الكلام:

صرح بعض الإخوة أعضاء مجلس الأمة أن قانون تخفيض سن التقاعد لا يحتاج إلا إلى أغلبية عادية لإقراره في دور الانعقاد المقبل، وهذا خطأ، فالمادة 66 من الدستور تبين أن الأغلبية اللازمة لإقرار القوانين المردودة هي أغلبية الأعضاء الذين يتشكل منهم المجلس (وهي 33 عضواً في المجلس الحالي) وليس الأغلبية العادية التي هي أغلبية الحضور.