بدأ 630 مهاجراً تم إنقاذهم على متن سفينة "أكواريوس" التي كانت خلال الأسبوع الجاري محور توتر شديد بشأن سياسة الهجرة في أوروبا، فجر أمس، الوصول إلى إسبانيا بعد أسبوع في البحر المتوسط. ودخلت سفينة أولى تنقل 274 مهاجراً، وهي الإيطالية "داتيلو"، مرفأ بلنسية (شرق) وقد صفّق المهاجرون على متنها عند رسوها.

وتتوقع السلطات على متن "اكواريوس" التي تديرها منظمتا "إس أو إس المتوسط" و"أطباء بلا حدود"، وسفينة عسكرية إيطالية أخرى تحمل اسم "أوريوني"، وصول المهاجرين الآخرين بحلول ساعات.

Ad

ويشكل وصول هؤلاء وهم 450 رجلاً و80 امرأة بينهن سبع حوامل على الأقل، و89 مراهقاً و11 طفلاً تقل أعمارهم عن أحد عشر عاماً، نهاية رحلة منهكة قطعوا خلالها 1500 كيلومتر، وسببوا شروخاً كبيرة داخل الاتحاد الاوروبي حول مسألة الهجرة.

وأعلنت الحكومة الإسبانية، أمس الأول، أن عدداً من هؤلاء المهاجرين سيتم استقبالهم في فرنسا بعد دراسة ملفاتهم في إسبانيا. في مرفأ بلنسية، رُفعت لافتة كتب عليها بلغات مختلفة "نرحب بكم في بلدكم"، عند وصول "أكواريوس" التي أثارت موجة من التضامن.

في المحصلة، يشارك 2320 شخصاً في الترتيبات، التي اتخذت من أجل استقبال استثنائي لهذه السفينة، بينهم حوالي ألف متطوع و470 مترجماً.

وخصصت وسائل الإعلام لهذا الحدث جزءاً كبيراً من تغطيتها، مع وجود أكثر من 600 صحافي على الأرض جاءوا من عدد كبير من الدول.

وفور وصولها إلى الحكم، عرضت حكومة بيدرو سانشيز الاشتراكية الإثنين استقبال المهاجرين الذين أنقذتهم "أكواريوس" ليل التاسع إلى العاشر من يونيو قبالة السواحل الليبية، بعد أن رفضت إيطاليا ومالطا استقبالهم.

ويشكل موقف مدريد مبادرة "إنسانية" لكنها أيضاً "سياسية" هدفها الدفع من أجل التوصل إلى حلّ أوروبي مشترك تجاه أزمة الهجرة.

ورحّب رئيس الحكومة الإسبانية بعرض باريس استقبال جزء من المهاجرين على متن "أكواريوس" واعتبر أنها خطوة "تظهر إطار التنسيق، الذي يجب أن تتجاوب أوروبا عبره، في روح تضامن أوروبي فعلي".

وفي حين يصل مهاجرو "أكواريوس" إلى إسبانيا، بوابة الدخول الثالثة إلى الاتحاد الأوروبي عبر البحر، وصل قرابة الألف مهاجر آخر إلى جنوب البلاد على متن قوارب تهريب الجمعة والسبت بينهم أربعة قتلى.

سالفيني

في المقابل، ذكر وزير الداخلية، نائب رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو سالفيني أن قرار بلاده لرفض استقبال سفن تابعة لجمعيات خيرية، تقل مهاجرين، تم إنقاذهم من البحر، يظهر أن البلاد "لم تعد ممسحة أرجل أوروبا".

وفي تعليقه على وصول السفينة "أكواريوس" إلى مدينة فالنسيا الإسبانية، بعد أن تم رفض رسوها في إيطاليا، كتب سالفيني، زعيم حزب "رابطة الشمال" اليميني المتشدد على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، "إنه مؤشر على أن شيئاً ما يتغير، لن نعد ممسحة أرجل أوروبا".

وفي اجتماع حاشد، للانتخابات المحلية في بلدة سيرينيو، قرب مدينة ميلانو، قال سالفيني أيضاً، إن إيطاليا "دولة لم تعد محتلة، لم تعد مستعبدة" لأوروبا وحث إسبانيا وشركاء آخرين بالاتحاد الأوروبي على مواصلة استقبال المهاجرين عبر البحر.

وقالت ألاريا سيركوا، وهي مرشحة لتولي منصب عمدة بلدة سيرينيو، التي يؤيدها سالفيني في كلمة لها بعد ذلك، إن التصويت لمصلحتها يعني "لا طالبي لجوء ولا مخيمات روما ولا مساجد".

«تفاوت» إيطالي

وفي لهجة غير متجانسة مع سالفيني، ذكر وزير الخارجية الإيطالي، انزو موافيرو ميلانزي أن النهج المتشدد، الذي تتبناه الحكومة الشعبوية الجديدة الإيطالية هو سبيل لإقناع شركاء الاتحاد الاوروبي لـ"العمل بطريقة مختلفة"، فيما يتعلق بالهجرة، في إشارة إلى إغلاق الحكومة الإيطالية الائتلافية بين الشعبويين واليمين المتشدد بشكل فعال موانئها أمام قوارب إنقاذ المهاجرين، التي تديرها مؤسسات خيرية.

ونأى موافيرو بنفسه عن الحديث عن "محور" بين إيطاليا والنمسا وألمانيا، الذي كان سيتناول قضية اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً للاتحاد الأوروبي ضد الهجرة غير الشرعية.

ووصف مصطلح "محور"، الذي يذكر بتحالف الحرب العالمية الثانية، بين ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية بأنه "مؤسف" وحث جميع دول الاتحاد الأوروبي ذات النوايا الحسنة على التعاون.

ترامب

جاء ذلك، بينما دخل البيت الأبيض على خط الأزمة الأوروبية. وتحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء المجري اليميني المتشدد المعادي للمهاجرين فيكتور أوربان هاتفياً أمس الأول واتفقا على الحاجة إلى حماية قوية للحدود الوطنية.

وتعهد أوربان وترامب بإبقاء العلاقات بين الولايات المتحدة والمجر قوية، في مثال آخر على كيفية سعي ترامب للاتصال عن كثب مع الحكومات في أوروبا التي تنتقد الاتحاد الأوروبي وتنتهج سياسات متشددة ضد الهجرة.

وأشاد ترامب أخيراً برئيس الوزراء الإيطالي الجديد، جوزيبي كونتي ، الذي يرأس حكومة تنتهج موقفاً صارماً من قضايا الهجرة.

ميركل تنفي

في سياق متصل، نفت الحكومة الألمانية تقارير صحافية ذكرت أن المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل تسعى إلى عقد قمة استثنائية مع أكثر من دولة من الاتحاد الأوروبي متضررة من أزمة اللاجئين.

وكشف استطلاع ألماني حديث عن تراجع تأييد المواطنين الألمان للائتلاف الحاكم الذي تتزعمه ميركل بنسبة نقطتين مئويتين تقريباً مقارنة بما كان عليه خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي تم إجراؤها في سبتمبر الماضي.

في المقابل، ارتفع تأييد المواطنين لحزب "البديل لأجل ألمانيا (ايه اف دي) اليميني المتشدد المعارض بنسبة نقطة مئوية وبلغ 15 في المئة.