قامت الدنيا ولم تقعد بسبب إعلانات نشرت من طلبة الجامعة، حملت أسماء بعض القبائل لخدمة الطلبة الناجحين في الشهادة الثانوية، وذلك لإرشادهم وتسهيل تسجيلهم في الجامعة، وهو دور تقوم به القوائم الطلابية منذ عقود.

الغريب أن تلك الإعلانات ليست وليدة هذه اللحظة، ومضى عليها سنوات عدة، وسبق أن انتقدتها في مقال لي، كما أنني علمت أنها بدعم وتوجيه من بعض أساتذة الجامعة، فلماذا صحا التنين من سباته، ليقول عن القبائل ما لم يقله مالك في الخمر؟

Ad

الأغرب أن الحادثة لا تتجاوز العمل التكافلي وإرشاد الطلبة من خريجي الثانوية وتوجيههم وفقاً لقوانين الجامعة، فاعتبرها البعض ردة وعودة للجاهلية وتعنصراً قبليا لضرب الوحدة الوطنية، متجاهلين زمن بعض النواب وغيره ممن أسس مجاميع عنصرية لضرب مكونات المجتمع، ولم يتحرك لهم ساكن دفاعاً عن الوحدة الوطنية، وشتان بين شباب أرادوا خدمة إخوانهم من خريجي الثانوية وبتوجيه من أساتذتهم يتهمون بتمزيق الوحدة الوطنية وشخصيات سياسية ومجتمعية وإعلامية ضربت الوحدة صراحةً ودون خجل أو خوف.

ما جعلني أكتب ذلك ليس تأييداً لتلك الإعلانات، ولكن الهجمة الشرسة على أبنائنا الطلبة ونعتهم بأبشع الأوصاف دون أي مطالبة لدراسة تلك الظاهرة ومعالجتها، جعلني أذكر الظواهر الأشد فتكاً بالوحدة الوطنية، والتي لا تخفى على عاقل ومحب لهذا الوطن ووحدة شعبه، دون أي ردة فعل من السلطة أو أصحاب الشعارات الوطنية.

ومن الطبيعي عندما يحمل بعض المتطرفين عنصرياً لواء الحملة لضرب وتمزيق الوحدة الوطنية من خلال الطعن والتشكيك في ولاء مكون من مكونات المجتمع دون عقاب أو حساب أو حتى نقدٍ صريح، كما حصل لطلبة الجامعة، أن تكون النتيجة التي شاهدناها، بل شاهدنا غيرها في انتخابات مجلس الأمة والبلدي والجمعيات التعاونية والنقابات وغيرها، بل حتى نواب الأمة يتبجحون بها وعلى رؤوس الأشهاد.

يعني بالعربي المشرمح:

لا تلوموا طلبة قاموا بفعل نفترض به حسن النية، وركزوا على السبب الذي جعلهم يتوجهون هذا التوجه، فالمجتمع بعد ظاهرة الجويهل والصوت الوحد أصبح قبلياً وطائفياً وعنصرياً ولا يمكن أن نعالجه في نقدٍ أو اتهام أو تشكيك أو محاسبة الطلبة دون أن نضع أيدينا على الجرح، ونعرف أسبابه ومسبباته لنبدأ بالعلاج الصحيح وما سواه لن ترد الإبل.