حقّق مسلسل «البراري والحامول» نجاحاً كبيراً، فطالب الجميع فاتن حمامة بتقديمه تلفزيونياً، أو فيلماً سينمائياً على غرار «ليلة القبض على فاطمة»، وهي الرغبة التي أبداها المؤلف والمخرج سمير عبد العظيم، غير أنه فوجئ بالنجمة ترفض رفضاً قاطعاً، لسبب خاص بشخصية «زاهية».

كانت فاتن من الذكاء لتوافق على تقديم شخصية «زاهية» للإذاعة، غير أنها رفضت تقديمها سواء في فيلم سينمائي أو على شاشة التلفزيون، فهي تدرك أن جمهور الإذاعة عندما يسمع صوتها يستدعي إلى ذاكرته صورتها التي عرفها على مدار تاريخها، غير أنه عندما يراها على الشاشة تجسد دور فتاة في مقتبل العمر لن يصدقها. لكنها في الوقت نفسه أكدت أنها ليست ضد العمل في التلفزيون بشرط أن يكون مناسباً لها.

Ad

التقط طرف الخيط، السيناريست والمنتج ممدوح الليثي، رئيس قطاع الإنتاج في التلفزيون المصري، ورأى أن الفرصة سانحة ليقوي القطاع الذي تولى رئاسته منذ أكثر من عامين، وحاول أن يحشد له كل نجوم وفناني وفنيي مصر، ليقدم من خلاله أفضل وأقوى المسلسلات. وفيما راح ينتظر جزءاً رابعاً من المسلسل الأنجح والأشهر «ليالي الحلمية» اتفق مع مؤلفه أسامة أنور عكاشة، على كتابة مسلسل جديد تخرجه إنعام محمد علي.

سارع الليثي إلى مهاتفة إنعام ليلفت نظرها إلى تصريح فاتن حول عدم ممانعتها في تقديم مسلسل تلفزيوني، فاتصلت بها فوراً وعرضت عليها فكرة تقديم مسلسل للتلفزيون. كان الفيصل الوحيد لدى فاتن هو العمل المناسب لها، فانتهزت إنعام الفرصة، وحددت معها موعداً للحديث حول تصورها عن العمل الذي تريد أن تقدمه، وشكل الدراما والقضايا التي تهتم بها:

* زي ما قلت قبل كده. أنا ماعنديش مانع لكن لازم نقدم قضية تهم الناس.

= زي ما انت عارفة القضايا اللي تهم الناس كتيرة جداً... لكن أنا كان قصدي لو في شيء محدد تفضلي أننا نسلط الضوء عليه؟

* في الحقيقة هو في موضوع شاغلني طول الوقت ومهم جداً نهتم به وهو التعليم. ومش مجرد الاهتمام بالعلم بس. لا أنا قصدي التربية والتعليم. فكرة أننا نعيد كلمة «التربية والتعليم» وماتبقاش مجرد اسم وزارة.

= هايل جداً... ما تتصوريش أنا فرحانة قد إيه.

* قد كده الموضوع عاجبك؟

= بالتأكيد عاجبني. لكن أنا فرحانة لأنه نفس الموضوع اللي كنا بنرتب له أنا وأسامة أنور عكاشة.

* أسامة كاتب جميل وكتاباته عظيمة. وعمل شكلاً مختلفاً للدراما التلفزيونية.

= يبقى احنا كده متفقين. مجرد ما أسامة ينتهي من كتابة أول تلات حلقات نتقابل ونقعد نتناقش فيها.

* وانا في انتظاركم.

استوحى أسامة أنور عكاشة شخصية {أبلة حكمت} من شخصية مديرة إحدى المدارس بالإسكندرية، سيدة مثالية في تمسكها بالمبادئ والأخلاقيات التربوية، خاضت معارك عنيفة انتصرت فيها، فأخذ شخصيتها ونسج حولها أحداثاً من صنع خياله. غير أن هذه الشخصية لم تكن بعيدة عن فاتن حمامة أيضاً، فقد كانت على صلة بمدير مدرسة «بور سعيد» بالزمالك، السيدة «ماري سلامة» والتي كان لديها الكثير جداً من الشخصية التي كتبها عكاشة، فحرصت فاتن على اللقاء معها أكثر من مرة، وتحدثتا طويلاً في تفاصيل عملها كمديرة للمدرسة. كذلك شعرت بألفة كبيرة معها، بعدما اكتشفت أن لديها صفات تشبه صديقتها الراحلة السيدة «بيسة»، زوجة الفنان صلاح ذو الفقار، وأم أولاده، التي كانت تتحمس لخدمة الناس والمجتمع، وكانت فاتن تصفها بلقب «سوبر إنسانة».

غزو تلفزيوني

لم تكتف فاتن بالحصول على تفاصيل عملها كمديرة للمدرسة، والمعارك التي خاضتها، لكن حرصت أيضاً على أن تستوحي منها روحها الحازمة، وملابسها المتأنقة وتسريحة شعرها، وطريقة كلامها.

في اللقاء الأول مع الكاتب أسامة أنور عكاشة، كانت لفاتن ملاحظات عدة على الحلقات التي كتبها، وبدأت رحلة الشد والجذب، إذ استجاب الكاتب لبعض ملاحظاتها، غير أنه رفض طلب إجراء تعديلات أخرى عدة:

= أنا عايزك تثقي فيا يا مدام فاتن.

* أنا واثقة فيك يا أسامة. لكن انا ماتعودتش أعمل حاجة من غير ما أكون فاهماها.

= أنا مش كاتب ألغاز. لكن الدراما التلفزيونية بتختلف عن السينما... في الزمن و...

* متهيألي أني بافهم في الدراما كويس يا أستاذ أسامة.

= حضرتك أستاذة كبيرة وأستاذتنا كلنا. لكن أنا أقصد أني في السينما ممكن أعمل حاجة وأرجع لها بعد كام دقيقة بحكم زمن الفيلم. لكن في الدراما التلفزيونية ممكن أحطها في الحلقة الأولى وأرجع لها بعد أربع أو خمس حلقات لأن الزمن عندي يسمح بده.

حدث خلاف في وجهات النظر بين سيدة الشاشة وأسامة عكاشة الذي رفض إجراء التعديلات الجديدة التي طلبتها على السيناريو، وأصرّ على موقفه، ما جعلها تعلن الانسحاب والتراجع عن فكرة بطولة المسلسل. لم يكن إزاء أنعام محمد علي، سوى اللجوء إلى رئيس قطاع الإنتاج ممدوح الليثي، الذي تدخل فوراً بينها وبين أسامة، وتعهد لها بتنفيذ طلباتها.

استطاع الليثي فعلاً الوصول إلى حل وسط، ليقدم كل من فاتن وأسامة بعض التنازلات. من ثم، حذف المؤلف بعض المشاهد التي رأت النجمة أنها لن تخدم الدراما، وخفّض عدد الحلقات من 15 حلقة، إلى 14 حلقة، واضطر إلى إعادة كتابة بعض الحلقات، فتأجل موعد بدء التصوير.

انتهى المؤلف من كتابة الحلقات كاملة قبل بدء التصوير بأسبوع، وبدأت إنعام محمد علي التصوير بالمشاهد الخارجية في الإسكندرية، حيث تدور الأحداث. قبل الانطلاق، دعت فاتن فريق المسلسل بأكمله على الغداء في أحد مطاعم الإسكندرية، على «وليمة أسماك» رغبة منها في التعرف إليهم، وإذابة الحواجز بينها وبين الأبطال، خصوصاً الشباب منهم، واستخدمت ذكاءها وحضورها الطاغي في توطيد العلاقة بينها وبينهم في جلسة واحدة، إذ حرصت على اختيار اثنين من أبطال العمل، هما أحمد مظهر لدور «القبطان»، ورشحت جميل راتب لدور «صلاح أبو رحاب»، وتركت بقية الترشيحات لاختيار إنعام محمد علي، والتي جاءت جميعها مناسبة إلى حد كبير، ونالت رضا فاتن.

بعد انتهاء تصوير المشاهد الخارجية، حرصت فاتن على تصوير المشاهد الداخلية في أستوديو «نحاس» حيث صوّرت كثيراً من أفلامها، كي لا تشعر بغربة، ولما كانت لم تعتد التعامل مع ثلاث كاميرات، فإنها شعرت في البداية بعدم ارتياح لإحساسها بأنها كممثلة في خدمة كاميرات الفيديو، على عكس كاميرا السينما التي تكون في خدمة الممثل. لكن بعد يومين اعتادت التعامل معها ببساطة، ولم يعد ذلك يمثِّل لها مشكلة. كذلك اكتشفت بخبرتها الكبيرة أن كاميرات الفيديو أقدر من كاميرا السينما على إظهار أحاسيس الفنان في المشهد، وأن التمثيل في التلفزيون يجمع بين مميزات السينما والمسرح معاً، فالأداء في السينما يعتمد على الهمسة، والنظرة، والتعبير الدقيق بالوجه، والأداء في المسرح يجعل الإحساس بكل مشهد كاملاً، والتلفزيون يجمع بين هاتين الميزتين، وإن كانت المشكلة فيه أنه يحتاج الى مجهود كبير، لا سيما في حفظ حوار المشهد كاملاً.

انتهى تصوير المسلسل وبدأ عرضه، ومنذ اليوم الأول لرمضان، وعلى امتداد النصف الأول من الشهر المبارك، لم يكن أحد في مصر يخرج من بيته ليلاً إلا بعد انتهاء عرض «ضمير أبلة حكمت»، بل وبات أي حديث على الهاتف بين أي اثنين مرتبط به:

= هانتقابل أمتى؟

- على عشرة كده... يعني بعد مسلسل «أبلة حكمت».

لم يقتصر الاحتفاء بالمسلسل على مصر، بل كانت البلدان العربية كافة تشاهده في لهفة وشوق، إذ نجح منذ الحلقة الأولى في أن يجتذب الملايين إلى شاشة التلفزيون، ليحقق نجاحاً كبيراً أسعد فاتن، فرأت أنها مدينة باعتذار إلى الكاتب أسامة أنور عكاشة، بعدما اكتشفت أن كل ما أصرّت على حذفه، وأصرّ هو على وجوده، كان في مصلحة الدراما بشكل كبير، وأعجب الجمهور بشكل لم تتصوره، خصوصاً أن زيارة سيدة الشاشة العربية لشاشة التلفزيون كانت مفاجأة لجمهورها، لتحصل بعدها على جائزة «الإنجاز الفني» من مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» على مشوارها الطويل الممتد.

عودة إلى السينما

لا شك في أن تكريم يضاف إلى الفنان أو الفنانة، يكون مصدر سعادة كبيرة له، مهما كان حجم الجوائز التي حصل عليها سابقاً وقيمتها ومصادرها. كذلك يسعد الفنان بدور جديد يقدمه لجمهور، يستطيع أن يسعده به، وهو ما كانت تشعر به فاتن. غير أن الجوائز والأعمال الفنية، لم يكونا مصدر سعادتها الوحيدين، بل أصبح لها مصادر أخرى صنعتها بنفسها لنفسها وللمحيطين بها. كانت أسعد لحظات حياتها تلك التي تمضيها مع زوجها الدكتور محمد، سواء في بيتهما «بعمارة ليبون» أو في «فيلا العجمي» وسط الأبناء والأحفاد من الجانبين، خصوصاً أن «فاتن الصغيرة» تعيش معهما منذ أن أصبح عمرها خمس سنوات. أو كانا يتمتعان بأجمل اللحظات وحدهما بعيداً عن ضجيج العاصمة، لدرجة أنها تعلمت «الصيد» خصيصاً لأجل زوجها الذي كان يعشق تلك اللحظات الممتعة. أو كانا يمضيان معاً لحظات سعيدة، في أحد المهرجانات العربية أو العالمية خارج مصر، بل ولا تقل سعادتهما إذا ما حضرا معاً أحد المؤتمرات العلمية، وتناقشا فيه بعدها. ولم يتردد الدكتور محمد في مناقشة فاتن في أي من أدوارها، سواء وهو لا يزال على الورق، إذ تأخذ رأيه في أدق التفاصيل، بما في ذلك الملابس الملائمة، أو إذا ما كان دورها يحتاج إلى إعادة نظر. وصل الأمر إلى أنه يمكن أن يبدي رأيه في اسم دورها، أو حتى اسم الفيلم الذي ستقدمه، مثلاً اقترح تغيير اسم فيلمها «الحب الصغير» إلى «أفواه وأرانب». وكان عندما يكتمل العمل، يكون الناقد الأول له.

أصبح هذا العالم الجميل يملأ على فاتن حياتها، وبعدما كانت تشعر بملل شديد إذا ما بقيت أشهراً بلا عمل، صار بإمكانها أن تمضي عامين أو ثلاثة، وربما أكثر بلا عمل، من دون أن تمل، وربما كانت ترفض خلال هذه الفترة، عشرات الأعمال التي تعرض عليها. تكرّر ذلك كثيراً في السنوات الأخيرة، إذ عُرضت عليها بعد مسلسل «ضمير أبلة حكمت» عشرات المسلسلات والأفلام، لكنها رفضتها جميعاً، إلى أن طرح عليها المخرج داود عبد السيد في نهاية عام 1992، فكرة فيلم جديد، وكعادتها، أبدت موافقتها المبدئية على الفكرة وعلى العمل معه، إلى حين قراءة السيناريو كاملاً.

أعجبت فاتن حمامة بفكرة فيلم «أرض الأحلام»، ثم قدّم لها داود عبد السيد السيناريو والحوار كاملاً، الذي كتبه السيناريست هاني فوزي. غير أنها بعد القراءة الأولى طلبت تعديلات عدة، فأعاد كتابته كاملاً للمرة الثانية. كذلك اقترحت مزيداً من التعديلات، فأعاد هاني فوزي الكتابة مجددا، حتى بلغ عدد مرات الكتابة أربعاً، لترضى عنه أخيراً.

تجسد فاتن حمامة فيه دور «نرجس» التي تستعد للهجرة إلى أميركا لتلحق بأولادها، بناء على رغبتهم، لكنها تفقد جواز سفرها قبل الانطلاق بساعات، وأثناء رحلة البحث عنه، تلتقي الساحر «رؤوف» غريب الأطوار يجوب ملاهي المدينة، وتتعرض معه لأحداث عدة تغير من وجهة نظرها في السفر. في النهاية تعثر على الجواز في قاع حقيبتها، لتكتشف أنها لم تكن ترغب في السفر، فتقرّر الانصياع للأمر.

اختارت فاتن حمامة الفنان يحيى الفخراني ليشاركها البطولة في دور «رؤوف»، ورغم أن داود عبد السيد، كان يرغب في أن يرشح فناناً آخر لدور «الساحر»، فإنها أصرّت على الفخراني، ليختار داود بقية الأدوار. رشح لمشاركتها، كلاً من هشام سليم، وعلا رامي، وحنان سليمان، وتهاني راشد، والقديرة أمينة رزق، فحقّق الفيلم نجاحاً نقدياً كبيراً، غير أن نجاحه الجماهيري جاء محدوداً، وعرض في مهرجان «مونبلييه» حيث كُرِّمت فاتن، ومُنحت «جائزة الإنجاز مدي الحياة»، كذلك حصلت عن الفيلم نفسه على جائزة أفضل ممثلة من «مهرجان المركز الكاثوليكي».

بعيداُ عن الممثلة والنجمة الكبيرة التي كان يشار إليها بالبنان، ويتمنى الجميع التحدث إليها أو مجرد مصافحتها، ليس الجمهور العادي فحسب، بل أيضاً العاملون في الوسط الفني والفنانين، حتى اتهمها البعض بالغرور والتعالي، كانت فاتن حمامة الإنسانة كطفلة شديدة البراءة، تحب الحياة وتسعى إلى الاستمتاع بها، لكن بما لا يخل بالعادات والتقاليد. كانت تسعد باللهو مع أحفادها، لكن من دون تجاوز منهم عن حدود اللياقة. فرغم البساطة والرقة، فإن الحزم كان يمثل عنواناً كبيراً في حياتها، لكن هذا لا يمنع من أن تشارك أسرتها لحظات الفرح، لذا لم تتردد عندما قرروا أن تصحبهم لمشاهدة مسرحية عادل إمام الجديدة «الزعيم».

بداية الألم

وافقت فاتن على حضور المسرحية رغم شعورها ببعض الإرهاق، غير أنها قبل نهاية العرض شعرت بتحوّل الإرهاق إلى آلام في صدرها. لكنها لم ترد أن تقلق أفراد الأسرة وتفسد عليهم السهرة، وقضت ليلتها ببعض المسكنات. وفي اليوم التالي، وكعادتها اليومية، وفيما كانت تمشي في النادي مع زوجها الدكتور محمد، عاودتها الآلام، غير أنها هذه المرة هاجمتها بشدة، فعرضها زوجها على الطبيب فورا، لتأتي الفحوص والتحاليل صادمة لها ولزوجها.

جاء التشخيص مؤكداً وجود انسداد في غالبية شرايين القلب، مع ارتفاع شديد في نسبة الكولسترول، من دون توافر فرصة للعلاج:

* يعني إيه مافيش جدوى من العلاج. هاموت يعني؟

= ألف بعد الشر عنك. الحكاية كلها عملية صغيرة ويرجع قلبك زي ما كان وأحسن مليون مرة.

* بتسمي القلب المفتوح عملية صغيرة؟

= بالتأكيد أنا مش باهون منها. بس هي دي الحقيقة. عمليات القلب المفتوح دلوقت بقت زي عمليات الزايدة. مافيش خوف ولا قلق منها. وبعدين كليفلاند من أشهر الأماكن في العالم اللي نسبة نجاح العمليات دي فيه تقريبا 100 % .

* تصدقني يا دكتور لو قلتلك أني مش خايفة من العملية؟

= طب ده شيء رائع جداً... أمال إيه المشكلة بقى اللي مسببة لك القلق والتوتر ده؟

* قلقي وتوتري كله بسبب ركوب الطيارة.

= هاهاها. معقولة مش خايفة من العملية وخايفة من الطيارة! عموماً يا ست الكل أنا أقدر أوعدك أن العملية هاتمر بسلام إن شاء الله. لكن مسالة الطيارة دي محتاجة منك شوية شجاعة وإرادة.

سافرت فاتن بصحبة زوجها الدكتور محمد إلى «كليفلاند» بأميركا، وخضعت فعلاً لجراحة قلب مفتوح ناجحة، في نوفمبر 1993، لتعود بعدها تسير على نظام غذائي خاص، التزمت به إلى حد بعيد.

لم تعد فاتن تسعى إلى أدوار تقدمها، لكنها لن تمانع إذا عرض عليها دور ووجدته جديداً ويحمل ما يستحق أن تؤديه. فقد باتت تشعر بأنها أعطت كل ما يمكن أن تقدمه فنانة لفنها، وأيدها في ذلك بلا شك، كل نقاد وصانعي السينما، وكان لا بد من الاعتراف به عملياً.

في عام 1996، قررت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أن تحتفي بمرور مئة عام على بداية السينما المصرية، التي بدأت في 1896. قامت باستفتاء بين نقاد مصر لاختيار أفضل ممثلة في تاريخ السينما المصرية على مدار المئة عام، وأفضل مئة فيلم أيضاً.

جاءت نتيجة الاستفتاء أن فاتن حمامة أفضل ممثلة في تاريخ السينما المصرية، منذ بداية ظهورها حتى هذا العام، فضلاً عن اختيار 11 فيلماً من أعمالها ضمن أفضل 100 فيلم مصري، هي بترتيب عام الإنتاج: «رصاصة في القلب، وابن النيل، ولك يوم يا ظالم، والمنزل رقم 13، وأيامنا الحلوة، وصراع في الوادي، وبين الأطلال، ودعاء الكروان، والحرام، وإمبراطورية م، وأريد حلا».

أصبحت فاتن حمامة أكبر من كونها فنانة مصرية، بل فنانة لكل العرب، أصبحت أكبر من كونها ممثلة أجادت أو تجيد تقديم أدوارها، فنانة أكبر من أن تقيمها لجنة تحكيم في مهرجان ما، أكبر من أي تكريم أو جائزة، وهو ما أكدته الجامعة الأميركية بالقاهرة، عندما قررت منحها الدكتوراه الفخرية عام 1999، واختارها الأمير طلال بن عبد العزيز عضواً استشارياً فخرياً في منظمة تنمية الأطفال في العام نفسه، ليؤكد أنها فنانة كل العرب.