تمضي القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها الأربعاء نحو خوض معركة استعادة مدينة الحديدة الاستراتيجية في غرب البلد الفقير، على الرغم من التحذيرات من احتمال أن تعرّض عملية مماثلة حياة ملايين السكان إلى الخطر.

وبحسب وكالة الأنباء الاماراتية الرسمية، فقد رفعت «قوات المقاومة اليمنية» المشتركة «جاهزيتها القتالية إلى الدرجة القصوى استعداداً وتأهباً لمعركة تحرير مدينة الحديدة من قبضة ميليشيات الحوثي».

Ad

ونقلت عن مصدر في هذه القوات قوله إن «قوات كبيرة» وصلت إلى مشارف مدينة الحديدة في غرب اليمن «معززة بتسليح متطور ومتكامل وعزيمة قتالية عالية لتواصل انتشارها على خطوط المواجهة لبدء معركة الحسم ودحر ميليشيات الحوثي والمخطط الانقلابي في اليمن».

وقالت من جهتها قناة «المسيرة» المتحدثة باسم المتمردين الحوثيين أن طائرات التحالف العسكري بقيادة السعودية الداعم للقوات الموالية للحكومة شنت غارات على أهداف في مزارع عند مشارف مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر.

كما أعلن الحوثيون عن عمليات ضد القوات الموالية للحكومة في محافظة الحديدة، بينها «استهداف بارجة لقوى العدوان قبالة سواحل الحديدة».

وذكرت وسائل إعلام خليجية أن «معركة تحرير» مدينة الحديدة بدأت بالفعل، رغم أن التحالف العسكري والحكومة اليمنية لم يؤكدا بدء الهجوم.

مفاوضات

ويعتبر ميناء مدينة الحديدة التي يسكنها نحو 600 ألف شخص، المدخل الرئيسي للمساعدات الموجهة إلى ملايين السكان في المناطق الواقعة تحت سلطة المتمردين الحوثيين في البلد الفقير، لكن التحالف يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر.

ومساء الثلاثاء أنهت الحكومة اليمنية المفاوضات السياسية لاخراج المتمردين من ميناء الحديدة لتجنيبها معركة دامية.

وقالت في بيان أنها ماضية «نحو إعادة الشرعية إلى كامل التراب الوطني، بعد إن استنفدت كافة الوسائل السلمية والسياسية لإخراج الميليشيا الحوثية من ميناء الحديدة».

واعتبرت أن «تحرير الميناء يمثل بداية السقوط للحوثيين»، من دون أن تعلن رسمياً انطلاق العملية نحو مدينة الحديدة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته.

وكتب من جهته السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر في حسابه بتويتر «الحديدة تتحرر، اليمن يتنفس».

وفي واشنطن اعتبر الأمير خالد بن سلمان السفير السعودي في الولايات المتحدة أن «السبيل الأمثل لمعالجة مسألة الحديدة والأوضاع الإنسانية فيها وفي اليمن بشكل عام هو الانسحاب من الحديدة، وتسليمها للحكومة الشرعية اليمنية».

مهلة إماراتية

وانتهت مساء الثلاثاء مهلة منحتها الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف، إلى الأمم المتحدة من أجل التوصل لاتفاق لاخراج المتمردين من مدينة الحديدة لتجنب وقوع معركة فيها.

ودعا الحوثيون الذين يتهمهم التحالف بتلقي الدعم من ايران، المجتمع الدولي إلى «الضغط باتجاه وقف التصعيد في الساحل الغربي وتهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات السلام».

وقال المتمردون في بيان أن الهجوم على مدينة الحديدة «يمتد أثره على تهديد أمن واستقرار المنطقة وخط الملاحة الدولية في منطقة جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب».

في المقابل، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حسابه بتويتر أن «احتلال الحوثيين لميناء الحديدة يطيل الحرب اليمنية، تحرير المدينة والميناء سيخلق واقعاً جديداً ويعيد الحوثيين إلى المفاوضات».

واستقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الرئيس اليمني المعترف به عبدربه منصور هادي في العاصمة الإماراتية الثلاثاء.

وأكد الشيخ محمد خلال اللقاء بحسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن التحالف «أكثر قوة وتقدماً وإنجازاً في اليمن لبسط الاستقرار وحفظ الأمن وتحرير الأرض».

وجرى اتصال هاتفي بين الشيخ محمد والرئيس الفرنسي فرنسوا ماكرون، وقالت باريس أن ماكرون دعا خلال الاتصال «الأطراف المعنيين» في النزاع اليمني إلى «ضبط النفس» و«حماية السكان المدنيين».

تحذيرات

وكانت الأمم المتحدة سحبت في وقت مبكر الاثنين كل موظفيها الدوليين من مدينة الحديدة، محذرة من تعريض حياة ملايين السكان للخطر في حال جرت معركة في المدينة بسبب احتمال توقف تدفق المساعدات.

وأعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» عن قلقها على حياة المدنيين جراء العملية في مدينة الحديدة وبينهم نحو 300 ألف طفل، وأوضحت أنها تستعد «للاحتمال الأسوء».

وقالت ريتا فور المديرة التنفيذية للمنظمة في بيان «بدون واردات الغذاء، ستتدهور إحدى أسوأ أزمات التغذية في العالم، وبدون الوقود الضروري لضخ المياه ستتقلص قدرة الناس على الحصول على مياه الشرب بما قد يؤدي إلى ظهور مزيد من حالات الإصابة بمرضي الكوليرا».

ويشهد اليمن منذ سنوات نزاعاً بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دولياً والمتمردين الحوثيين.

وتدخلت السعودية على رأس التحالف العسكري في 2015 لوقف تقدم المتمردين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014.

ولم تحقق القوات الموالية للحكومة انجازاً عسكرياً كبيراً منذ استعادة السيطرة على خمس محافظات في العام 2015، وتبعد الحديدة نحو 230 كلم عن العاصمة صنعاء.

وأدى النزاع منذ التدخل السعودي في اليمن إلى مقتل نحو عشرة آلاف شخص وإصابة نحو 53 ألفاً بجروح في ظل أزمة انسانية تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم حالياً.