قرأت لمسؤول سابق في أحد الفصائل الفلسطينية السياسية اليسارية أن أميركا دفعت صدام حسين إلى احتلال الكويت، من أجل ضرب إيران، وحقيقة إذا كان هذا صحيحاً فإن المفترض أنه ينطبق قبل ذلك على الحرب العراقية – الإيرانية، حرب الثمانية أعوام، حيث كان الرئيس العراقي الأسبق يظن أن انتصاره على الثورة الخمينية سيجعله الرقم الرئيسي في معادلة هذه المنطقة، وسيجعل الأميركيين يعتمدونه كحليف قوي، وكما كان عليه وضع شاه إيران، الذي لم يعد هناك شك في أن واشنطن قد تآمرت عليه، لأنها كانت تسعى إلى وضع الدولة الإيرانية "المعممة" في مواجهة المد السوفياتي بالمنطقة الذي بدأ باجتياح أفغانستان وإقامة نظام شيوعي فيها هو نظام بابراك كارمال.

والحقيقة، التي قيلت مبكراً وفي وقتها، أن أميركا إن لم تكن قد شجعت صدام حسين على احتلال الكويت فإنها قد تغاضت عن قيامه بتلك الخطوة الانتحارية الجنونية التي كانت تبعاتها كارثية على هذه المنطقة كلها، والصحيح هنا هو أن الأميركيين فتحوا أبواب العراق للتمدد الإيراني، الذي أدى إلى كل هذا الذي تعيشه بلاد الرافدين الآن، بعد إسقاط الرئيس العراقي الأسبق في حرب عام 2003.

Ad

والغريب، لا بل المستغرب، أن كثيرين لم يدركوا أن أميركا كانت مع إسقاط نظام شاه إيران لحساب الثورة الخمينية، وأنها قد أسقطت نظام صدام حسين في حرب عام 2003 لحساب هذه الثورة، وأنها أي الولايات المتحدة قد أغمضت عينيها ارتياحاً لتمدد الإيرانيين في سورية، ومد أيديهم إلى اليمن ولبنان، وكل هذا تحت شعار إقامة "الهلال المذهبي"، والمعروف أن هذا حدث في عهد الجمهوريين وجورج بوش (الابن) قبل أن يتواصل في عهد الديمقراطي باراك أوباما، الذي هناك الآن اتهامات له بتورطه في موبقة سياسية معيبة مع الإيرانيين.

إن هذا الكلام الآن عن هذه الأمور قد يبدو وكأنه ليس في محله أو مكانه أو زمانه، لكن مما يؤكد ضرورة إن ليس فتح هذا الملف فعلى الأقل الإشارة إليه وإلى أن من يقول إن هناك استهدافاً من قبل الأميركيين لإيران كاستهدافهم للرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر غير صحيح على الإطلاق، وأنه إذا كان هناك تحول ضد طهران فإنه قد بدأ مع مجيء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وحيث إن العلاقات الأميركية - الإيرانية كانت في عهد جورج بوش (الابن) وعهد باراك أوباما سمناً وعسلاً، والدليل ما حدث من تمدد إيراني في هذه المنطقة، وكما هو واقع الحال الآن.

وهنا فإن هذا القائد الفلسطيني السابق في إحدى الفصائل الفلسطينية اليسارية يذهب بعيداً عندما يعتبر أن إيران مستهدفة من قبل الولايات المتحدة، كما استهدفت مصر في عهد جمال عبدالناصر، وأن على العرب، إن ليس كلهم فبعضهم، أن يضعوا أيديهم بيدها، وأن يتحالفوا معها، والمشكلة أن هذا وغيره يتناسون أن إيران، وباعتراف بعض كبار المسؤولين، تحتل أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء... وهناك من يضيف إليها كابول العاصمة الأفغانية.